كيف يتعايش المتقاعد البركاني مع حياته بعد توقفه عن العمل؟

daoudi
2015-11-16T22:55:10+00:00
الجهوية
10 نوفمبر 2015

2012-Vieux_Retraites_593497042

www.sabahachark.com

يشبه العديد من الناس مدينة بركان ” بالمراح ” نظرا لصغر مساحتها، و لقلة تواجد الأماكن الترفيهية، الثقافية، الرياضية…. التي يمكن أن يرتادها الصغار و الكبار، لا سيما الشيوخ و الكهول ممن أحيلوا على التقاعد ووجدوا أنفسهم مرغمين على التكيف مع نمط عيش و حياة لم يعتدوها من ذي قبل أثناء ممارستهم العادية لعملهم . و لتسليط الضوء أكثر على هذا الموضوع، ارتأينا أن نقدم لكم قراءة من خلال هذه السطور:
الحياة بعد التقاعد:
نسبة ساحقة من المتقاعدين البركانيين، يرتمون في أحضان الحدائق و التسمر أمام أشعة الشمس، و تجادب أطراف الحديث فيما بينهم، مع الحرص على أداء أوقات الصلاة في موعدها المحدد، أو الذهاب إلى المسجد باكرا و قبل ساعات من إقامة الصلاة، فيما يحبذ آخرون تسلية أنفسهم بلعب ” الكارطا ” أو ” الضامة ” و هكذا دواليك.
ورغم أنّ نسبة لا بأس بها من المتقاعدين يمكنهم التأقلم بسرعة مع الوضع الجديد بعد التقاعد إلا أنّ بعضهم لا يمكنه ذلك، فمنهم من يواصلون الذهاب إلى عملهم كما تعودوا من قبل خلال الأيام للتقاعد وكأنهم يرفضون أن يصدقوا أنهم قد توقفوا عن العمل، لذلك فإن الحل هو التفكير في مجال جديد و تعلم أي مهارة أو هواية مناسبة بصبر ومحاولة الاستمتاع بها…. و من الناحية النفسية فإن الحياة المستقلة في هذه المرحلة أفضل من التفكير في الانتقال للإقامة مع الأبناء و الأقارب دون مبرر قوي حتى لا يصبح الشخص عبئا ثقيلا على الآخرين، كما أن اختيار المكان الذي يقيم فيه الشخص عقب التقاعد قد يساعد على التأقلم فالبعض يفضل الانتقال إلى مكان جديد بعد أن كانت إقامته ترتبط بمكان عمله غير أنّ الأفضل بصفة عامة هو البقاء الإنسان في المسكن الذي تعود عليه و المنطقة التي أقام بها و بعرفه الناس من حوله….. و من الأمور الهامة التي نذكر بها كل من وصل إلى هذه المرحلة هي ضرورة الابتعاد تماما عن العادات الضارة بالصحة مثل تعاطي المواد الضارة أو التدخين لأن ذلك يؤدي إلى عواقب وخيمة، و إذا كان هناك بعض الذر في ذلك للمراهقين و الشباب، فإن كبار السن لا يجب أن يسهموا عن طريق استخدام هذه الأشياء في تدمير ما تبقى من الصحة و قد لا يسمح الوقت بتصحيح ما يرتكبه المرء من أخطاء في هذه المرحلة التي تتطلب الاعتدال في كل شيء……

التقاعد….. كيف السبيل؟

التقاعد أو الإحالة على المعاش تعني التوقف عن العمل بالنسبة لمن يقوم بأعمال بلوغ سنة معينة و هذه إحدى مشكلات الحضارة المعاصرة، فلم يكن لمثل هذه المشكلة وجود في المجتمعات القديمة، حيث كان على الإنسان أن يظل يعمل حتى يتغلب عليه المرض و يفقد قواه. لكن ظهور المجتمعات الصناعية جعل من الضروري تطبيق مبدأ التقاعد لكبار السن، لتحقيق التوازن بين العمالة الشابة و تجنب البطالة في الأجيال الأصغر سنا، و الحقيقة أن ذلك لا يأتي على هوى الكبار الذين يرغمون على ترك العمل لكنه أمر لا مفر منه.
و لعل الإنسان القديم كان أوفر حظا في هذا الجانب….. فلم يكن هناك معاناة من النتائج النفسية الثقيلة لنظام التقاعد الحديث نسبيا. و قد كان سن التقاعد قبل عام 1925 هو70 سنة و لا يزال حتى الآن في النرويج 72 سنة و في الدانمارك 67 سنة، و في أمريكا 65 سنة، و في بريطانيا 65 للرجال و 60 سنة للسيدات، و في فرنسا و مصر و الكويت 60 سنة. و مهما كان العمر الذي تحدده السلطات للتقاعد فإن الذين يقومون بأعمال حرة لحساب أنفسهم مثل الأطباء و المحامين و الكتاب و السياسيين و الفنانين… لا يمرون بتجربة التقاعد بل يمكنهم الاستمرار في العمل ما أمكن لهم ذلك دون التقيد بسن معينة.

مشكلات و هموم و خسائر:

لا يرحب الناس عادة بمرحلة التقاعد… و لهم البعض الحق في ذلك، حيث يعتبرها الكثيرون خسارة حيث تتابع فيها أنواع مختلفة من الخسائر يترتب بعضها على البعض الآخر، فالخسارة المادية تحدث نتيجة لنقص الدخل الذي يحصل عليه المتقاعد مقارنة بدخله أيام العمل و يترتب على ترك العمل أيضا أن يخسر الشخص النفوذ الذي كان يستمده من وظيفته و منصبه.
فبعد أن كان صاحب هيبة لدى مرؤوسيه لم يعد هناك من يعبأ به، و هناك الخسائر الصحية التي تتمثل في ظهور أعراض تقدم السن و الشيخوخة تباعا مع الوقت و تؤدي الإصابة بأي عجز نتيجة للأمراض خسارة لقدرة الشخص على الحياة المستقلة دون الاعتماد على الآخرين…. و بالإضافة إلى ذلك فإن المشاعر النفسية السلبية التي ترتبط بالتقاعد مثل إحساس الشخص بأنّه أصبح زائدا عن الحاجة وأن عليه أن يبقى في انتظار الموت تمثل المشكلة الحقيقية للتقاعد، و هذا الجانب النفسي عادة ما يمثل أهم هموم المتقاعدين خصوصا في الأيام الأولى عقب ترك العمل حين يضطرون إلى تغيير نمط حياتهم بصورة كاملة. فالشخص الذي تعود على الاستيقاظ المبكر و الذهاب إلى العمل و العودة منه في أوقات محددة على مدى سنوات، و تكوين علاقات متنوعة مع زملاء العمل . يواجه صعوبات هائلة للتعود على وضعه الجديد حين يضطر للبقاء بالمنزل، و قد لا يكون وجوده بالمنزل مدعاة لسرور أسرته فيشعر بأنه غريب في بيته، و إذا كان البديل هو مغادرة المنزل فأين يذهب؟ ربما إلى أحد المقاهي أو للتجول بدون هدف… إن ذلك لا يمكنه عادة من التغلب على الفراغ القاتل….

جوانـــب ايجابية…. للتقاعد

إلى هنا تبدو الصورة مظلمة و سلبية، غير أنّ هناك جوانب إيجابية في مسألة التقاعد لا يفكر فيها أحد، إن فترة التقاعد قد تطول لتصل إلى ربع أو ربما ثلث مجموع سنوات الحياة، و لذلك يجب التفكير في الاستمتاع بهذه المرحلة من العمر، و الهروب من مسؤوليات وأعباء العمل شيء إيجابي رغم أن كل المتقاعدين تقريبا لا يذكرون إطلاقا مشكلات العمل و مساوي الالتزام بمواعيده وأعبائه، و يفكرون فقط في الأشياء الجيدة و الممتعة أيام العمل، و يتحسرون على تلك الأيام، و يتمنون أن تعود، و قد يكون التقاعد فرصة مناسبة العادة تنظيم الكثير من أمور الحياة، و القيام بأعمال أو ممارسة هوايات لم تسمح بها الارتباطات السابقة أيام العمل…. و هناك برامج تمّ إعدادها لتقديم المعلومات و الإرشادات لمساعدة المتقاعدين على التأقلم مع مرحلة التقاعد قبل أن ينتقلوا إليها بوقت مناسب و تتضمن هذه البرامج تقديم معلومات عن الجوانب الايجابية للاحتفاظ بصحة بدنية و نفسية مع تقدم السن، مثل العناية بالغذاء و الاهتمام بالرياضة و الوقاية من المشكلات الصحية المتوقعة في هذه المرحلة من العمر و احرص أيها المتقاعد بصفة عامة و البركاني بصفة خاصة على القيام بها. و نظرا لأن الكثير من المتقاعدين يشعرون بأن التقاعد يمثل لهم ما يشبه الوصمة، حيث يبدي بعضهم حساسية و شعورا بالاستياء لمجرد تسمية المتقاعد أو وصف الإحالة للمعاش لذا يطلقون على كل من يصل إلى هذه المرحلة في أمريكا لقب ” المواطن الأول ” كنوع من التقدير و الترضية النفسية ”
صباح الشرق

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.