www.sabahachark.com
بقلم : محمد بومعزة
قبل سنوات خلت ، عاشت مدينة بركان نهضة على جميع الأصعدة وفي كل الرياضات ، بدء من كل كرة القدم التي حققت الصعود سنة 2012 وعادت لقسم الأضواء بعد أعوام عجاف وربع قرن من الغياب ، ومرورا بكرة السلة التي أفرحتنا كثيرا وأدخلت الغبطة والسرور إلى البيوت البركانية بنتائجها الأنطولوجية وعروضها القوية ، وتتوجيها بلقب البطولة وكأس العرش ، وقبلها كرة اليد بمستواها الذي ظل ثابتا لسنين مضت ، توج بلقب البطولة والكأس مرتين ، ناهيك عن الوصافة ثلاث مرات،ووصولا إلى الملاكمة مع البطل أحمد بن جدو والدراجات الهوائية مع البطلة الواعدة أسماء الزرفاوي والكراطي بأبطاله الذين يعتبرون سفراء لبركان ورياضات أخرى لا تسع السطور لذكرهم .
لازلت أتذكر سنة 2012 التي كانت فيها الرياضة البركانية تعيش أزهى أيامها ، وهو الموسم الذي عرف عودة ممثل بركان لكرة القدم إلى قسم الكبار، وفوز النهضة لكرة السلة بالبطولة ، وقبله كرة اليد بلقب كأس العرش كأول تتويج يرصع خزينة النادي …
اليوم أصبحت تلك اللحظات مجرد ذكريات من الماضي التليد للرياضة البركانية ، اليوم الكل التف حول كرة القدم وتم إهمال باقي الرياضات ، مع أنها كانت سباقة أثناء جردي لمنجزاتها سالفا ،لتحقيق ألقاب وكؤوس مازلنا نبكي على أطلالها ونتذكر أوقاتها بمرارة وحرقة كبيرتين على ما ضاع وفات .
لست ضد الكرة ولا ضد الاهتمام والعناية بها ،ولا أحمل بغضا ولا ضغينة لأحد ، أعرف أنها أفيون الشعوب ، وأعلم أنها الرياضة الأكثر شعبية في العالم ، ولكني أبدي امتعاضي لكروية الرياضة ، على حساب رياضات أخرى ، أنا ضد التهميش والتنكر للجميل ، أنا ضد ارتباط الرياضة بأشخاص معينين ، وإذا راح أولئك الرؤساء ، زالت اللعبة وأضحت في خبر كان .
نعم ، بالأمس كنا نتغنى ونتبجح بكرة السلة وألقابها ، نفرح ونبيت ليالينا مبتهجين في أزقة بركان . أتذكر بلوعة تلك اللحظات التي كانت تجوب فيها حافلة الفريق أهم شوارع المدينة ، والجماهير البركانية مصطفة لتحية اللاعبين على دورهم البطولي . نعم، بالأمس بالقريب كان غلين يمتعنا بثلاثياته وطريقة لعبه التي ورثها عن أبناء العم السام هناك في الدوري الأمريكي ، بالأمس الغير البعيد كان بابيس يريحنا بتصدياته القوية وعضلاته المفتولة ، بالأمس أسعدنا زويتة وسليمان والدحماني …
نعم ، قبل سنوات ، اجتمعنا حول دادي والجدايني ولشهب في عناق حار ، وهم يحققون الانتصارات الواحدة تلو الأخرى . قبل سنوات ، كنا ننام في طمأنينة وراحة البال ، لأن شارني وقروش ومغيز ولوكيلي وآخرون كانوا بيننا ، قبل أن يختار كل واحد البحث عن حياة أفضل وأرحب ، بين عقد القران والهجرة نحو الخارج ، وبين تغيير الأجواء مكرهين لأندية بعيدا عن بركان وأسوارها .
قبل سنوات ، كان بنجدو يلاكم بعزيمة الأبطال ، ويستبسل بقوة أبناء بركان الأحرار ، للإبقاء على اللقب الإفريقي بمدينته وبلاده . وبين هذا وذاك ، كانت ابنة الزرفاوي تقطع الكيلومترات وتمثل المدينة والبلد في عديد المحافل والمناسبات ، حتى وجدت لها موضع قدم بين الكبار ، لترغم على التواري على الأنظار ، والبحث عن مكان ونادي يعترف بإمكانياتها وقدراتها .
اليوم ، أصبحت تلك الإنجازات مجرد مشاهد نتذكرها، بعد أن نالت الكرة حقها وأكثر ، ولم تنل باقي الرياضات نصيبا مما تستحقه ، فاندحرت كرة السلة للقسم الموالي ، وتتلقى كرة اليد الضربات ، و أصبحت لقمة سائغة بعد أن كنا أسيادا ، ولم نعط للكراطي ورياضات أخرى حقها من الاهتمام والعناية.
فهل سنكتفي بجنازة البكاء والتحسر على ما فات ؟ أم نقبل بالحال وننتظر تغير الحال إلى أحسن حال ؟
باي باي