Www.sabahachark.com
أول ما أصبح الأنترنت متوفر لدى الجميع إعتقدنا أن هذا ما كنا بإ نتظاره من أجل جعلنا أحرار وقادرين على ممارسة أعمالنا عن بعد ولكن ما حدث كان العكس حملنا هذه التكنولوجيا وهذه الأجهزة وربطنها بأجسامنا، في كل لحظة تأتيك رسالة أو صورة أو تعليق أو اعجاب أنت مضطر بأن ترد على ذلك كأنه هناك شيء طارئ يحدث ، أصبحنا نشبه الشرطي الذي يتلقى الإتصالات في طوارئ والاستجابة يجب أن تكون أنية وفي نفس اللحظة ، وهذه هي مشكلة العصر في هذا زمان (يوتيوب – توتير – فيسبوك – الواتساب – إيميل…..) نحاول أن نلحق هذه اللحظات ولكن ننسى الفرص الواقعية التي نكون فيها على إتصال مع الايقاع الطبيعي لحياتنا الذي يشكل محورتجارب البشرية الحقيقية التي يجب أن نعيشها .
إذ أن إعتبار هذه الاجهزة جزء من الطبيعة بالرغم من أنها سوى منصات وبرامج صنعة من قبل شركات ضخمة ليس لتقديم المساعدة وإنما لأجل تحقيق أرباح مادية من البيانات الإجتماعية الوهمية التي صنعها من خلالك ، لهذا لا نستطيع التنبؤ بنتائج هذه تقنيات التي بين أيدينا لأننا ندمجها في حياتنا دون أن نعرف من الذي صنعها ؟ ولماذا صنعت؟
فهذه شركات تستغل فضولك أنت ويشجعوك أن تكون في أكثر من مكان في نفس الوقت لأن الذهاب إلى البحر أو الغابة أو المكتبة …مع أصدقائك أو عائلتك لا يضيف لأرصدتهم في البنوك أي سنتيم فالبقاء في البيت مع هذه الشبكة الوهمية من الأصدقاء والمعارف وإرسال رسالة وضغط إعجاب وإعادة نشر ومشاركة الفيديوهات … يساهم في توسيع شبكة البيانات ويضخم مبالغ الشركات من أجل الإستمرار في بناء برامج متطورة أكثر من التي سبقتها من أجل أن بقائك ملتصق بها.
ويوم بعد يوم أصبحنا نشاهد سهولة توصلنا بهذه الاجهزة في كل مكان هناك عروض أنترنت بالمجان _ wi-fi ….
أنت تعتقد بأنك تستخدم هذه البرامج ولكن في حقيقة الامر البرامج هي التي تستخدمك.
فالعالم مقسم بين مبرمج و مبرمجة
فالمبرمج يريد أن يبعدك عن الأشياء البسيطة كالليل والنهار وفصول السنة ومراحل إكتمال القمر وغير ذلك…
ومن الطبيعي أنه من الصعب تخلي عن هذه تكنولوجية لكن يمكن أن تستخدمها بطريقة معقلنة فكل واحد قادر على أن يحدد من يكون وما يريد أن يكون في هذا العالم .
هذه الأجهزة نعم تسمح لنا بفعل أشياء مذهلة لتحسين حياتنا ولكن في نفس الوقت هي تنحاز إلى تضيع وتبديذ الوقت و تقوم بتسريع وتيرة الحياة خارج قدرتنا على مواكبتها ، كما أنها تستهلك طاقتنا بإنتشال قدرة التركيز والتفكير والحضور والتواصل مع أنفسنا والمجتمع الذي نعيش فيه.
فنحن لا نريد فقط جمع المعرفة بل أيضا جمع الحكمة.
وليد معلمي
