صباحالشرق / نورالدين ميموني
يعتبر معمل الاسمنت هولسيم المتواجد بتراب جماعة عين الحجر القروية بدائرة العيون الشرقية ، من أكبر معامل الإسمنت بالمغرب و أفريقيا وهو يزود مختلف مدن الجهة الشرقية بهذه المادة الحيوية التي لا يمكن الاستغناء عنها في قطاع البناء و الأشغال العمومية .
المعمل الذي تم تشييده في بداية سبعينيات القرن الماضي بجانب الطريق الوطنية رقم 06 (12 كيلومتر شرق مدينة العيون الشرقية ) حيث كان يسمى وقتها « سيور » ، قبل أن تطلق الحكومة المغربية سياسة الخوصصة في أوائل التسعينات، و يتم دمج « هولسيم المغرب » عام1993 في مجموعة « هولسيم » السويسرية الدولية للإسمنت ومواد البناء لتكون من بين أولى الشركات التي تم تخصيصها في القطاع العام المغربي ، يدر أموالا طائلة على إدارة الشركة ، و ينتج أنواع مختلفة من مادة الاسمنت بكميات كبيرة تغطي مختلف احتياجات قطاع البناء و المشاريع الكبرى و المتوسطة بالجهة … ، فماهي إذن مساهمات هذه الشركة في التنمية المحلية بالمنطقة ؟ و بماذا استفاد سكان المنطقة من هدا المعمل ؟
إدا كانت شركة هولسيم « تتبجح » بالالتزام بالقوانين والمعايير الأوروبية والدولية لحماية البيئة، و بكونها شركة مواطنة تساهم في التنمية المحلية ، فإن العديد من الحقائق و المعطيات تطرح أكثر من تساؤل في هذا الصدد ، وحتى نكون واقعيين وصرحاء مع أنفسنا ومع قراءنا الأعزاء ، فإن الشركة قامت بمجهودات كبيرة في مجال الحد من انبعاث الغبار وذلك بتأهيل كافة وحدات إنتاجها واستخدام تجهيزات تصفية جيدة للحد من التلوث موثقة بعلامة جودة « المنظمة الدولية لتوحيد المقاييس « إيزو 14001″ ، إلا أنه رغم ذلك ما زالت انبعاثات الغبار متواصلة ولو بشكل نسبي خاصة من المقلع المقابل للمعمل والذي يتواجد بتراب جماعة رسلان القروية التابعة لإقليم بركان ، كما أن حرق بقايا و قطع العجلات المطاطية التي يتم استقدامها من الدول الأوروبية عبر ميناء بني أنصار بهدف حرقها داخل أفران شركة هولسيم ، تطرح أكثر من تساؤل بالنظر إلى المضاعفات و الانبعاثات الخطيرة التي تتسبب فيها هذه المواد المطاطية الخطيرة ، فإذا كانت دول الاتحاد الأوروبي التي تحترم البيئة و تتضمن دساتيرها قوانين صارمة للمحافظة عليها لا تقبل بحرق بقايا العجلات المطاطية فوق ترابها فلماذا إذن تقبل شركة هولسيم بهذا الأمر ؟ و هل تخفيض تكلفة الإنتاج بالنسبة للشركة أهم من المحافظة على البيئة و حياة المواطنين ؟
معمل الاسمنت هولسيم (1) معمل الاسمنت هولسيم تحقيق : ماذا استفادت مدينة العيون الشرقية من معمل الاسمنت هولسيم ؟
من جهة أخرى فإن الانفجارات القوية الناتجة عن استعمال الديناميت بالمقلع المقابل للمعمل و التي يتم استعمالها لاستخراج مادة الكلانكير ( مادة أولية تدخل في إنتاج الاسمنت ) ، لها عدة انعكاسات سلبية سواء على البيئة المحيطة أو السكان المجاورين ، حيث يتصاعد الغبار الكثيف ليغطي مساحات شاسعة من الأراضي الفلاحية المجاورة ، كما أن العديد من المنازل بالمنطقة تصاب بتشققات و تصدعات نتيجة هذه الانفجارات .
التنمية .. الغائب الأكبر.
إدا كانت سنة 2013 فال خير على إدارة شركة هولسيم ، حيث استطاعت إنجاز عقد تصدير 700 ألف طن من « الكلينكير » نحو ساحل العاج يتم استخراجها من المقلع المقابل للمعمل ، فإن مدينة العيون الشرقية التي يعاني شبابها من البطالة و التهميش لم تستفد سوى من الغبار و اهتراء البنية التحتية خاصة الطرق الشاحنات الثقيلة التي تنقل مادة « الكلانكير » من المعمل نحو ميناء بني أنصار بالناظور بهدف نقلها إلى ساحل العاج ، لا تكاد تتوقف ليل نهار ، و هو ما يتسبب في اهتراء شبكة الطرق خاصة الطريق الرابطة بين مدينة العيون الشرقية و الناطور مرورا بمشرع حمادي و حاسي بركان ، هذا دون الحديث عن حوادث السير التي تتسبب فيها هذه الشاحنات خاصة بمدخل المعمل ( نقطة سوداء ) ، في الوقت الذي تجني فيه الشركة أموالا طائلة .
من جهة أخرى أغلب شباب المدينة لا يستفيدون من فرص شغل في الشركة باستثناء بعض المحضوضين الذين يتم تشغيلهم في ظروف صعبة من طرف شركات مناولة بأجور زهيدة ، حيث أن أغلب تلك المقاولات تستقدم يد عاملة من مدن بعيدة في الوقت الذي يعاني شباب المدينة من البطالة ، و حتى المستخدمين السابقين في الشركة تمت إحالة معظمهم على المغادرة الطوعية في خطوة تبرز بجلاء التوجه العام للشركة الرامي إلى الاعتماد على المقاولات الخاصة المناولة التي تجني الملايين على حساب عرق و حقوق العمال