صباحالشرق / نورالدين ميموني
أحيت الطريقة الصوفية العلوية المغربية بمناسبة حلول السنة الهجرية الجديدة 1440 هـ، احتفالا دينيا روحيا برحاب زاويتها بمدينة تاوريرت تحت شعار ” الهجرة إشراقات نورانية ” و ذلك يوم السبت 7 محرّم 1441 هـ الموافق 15 شتنبر 2019م. و يأتي تنظيم هذا الحفل كل سنة من أجل ربط المريد بحدث الهجرة، ليس كحدث ضارب في التاريخ فحسب، ولكن كمحطة روحية، يستلهم منها كل مريد نفحات روحية، ودروس وعبر، يستعين بها على تقويم مساره في طريق ربه حتى يغشاه الفتح.
انطلق الحفل بتلاوة القرآن ثم ذكر و سماع و مديح وصلاة على سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وبعد استرسال الحضور في أمداح وسماع خاشع تهيأت الأحوال و ارتفعت الهمم إلى إقامة حضرة ربانية أضفت جوا من السكينة والطمأنينة والصفاء على الحفل.
فالسنة الهجرية مناسبة لنا جميعا لنتذكر حال الصحابة في الهجرة الأولى الى الحبشة و حال رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم وصاحبه سيدنا ابو بكر رضي الله عنه في الهجرة الثانية الى المدينة فالرسول صلى الله عليه وسلم من خلال تربيته للصحابة رضي الله عنهم غرس فيهم صفات النية الخالصة، الإيمان القوي و اليقين الصادق بأن الأمور كلها ترجع إلى الله يدبرها كما يشاء و حيث يشاء و في أي وقت يشاء و هو القادر على كل شيء. ” إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ” (هود:4).
و أكد مقدم زاوية الطريقة الصوفية العلوية المغربية بمدينة تاوريرت السيد الحاج محمد مستعين أن زاوية الطريقة بمدينة تاوريرت تتشرف بتنظيم هذا الاحتفال السنوي الذي يدخل في إطار البرنامج القار للطريقة الغاية منه المحافظة على الإرث النبوي المبني على الوسطية و الاعتدال و هي مناسبة لترسيخ في عقول الناشئة ضرورة العمل بهذا الموروث و تجديد وسائل العمل.
و جاءت كلمة فضيلة شيخ الطــريقة الصوفية العلوية المغربية و ممثلها العام بالمملكة الشريف سيدي سعيد ياسين، حيث أكد أن الهجرة مناسبة للتذكير و التفكير فيها معاني و أسرار لمن أراد أن ينهل و أضاف فضيلته أنه كما تنورت يثرب بقدوم الرسول، نور الله في أرضه، فأصبحت تسمى المدينة المنورة فكذلك بلدنا تنور بقدوم آل البيت منذ قدوم مولاي إدريس الأكبر إلى يومنا مع العرش العلوي المجيد عهد سليل الدوحة الشريفة أمير المؤمنين والراعي السامي للتصوف والأشراف، جلالة الملك محمد السادس حفظه الله وأيده بنصره المبين. و أضاف أن شعار هذه السنة يبرز إرادة الله و أمره على جميع المخلوقات و كيف أن بفضل إرادته سبحانه تعالى عم نور رسول الله صلى الله عليه و سلم أرجاء الوطن و أتى بعترته.
و ألقى الأستاذ العيساوي كلمة بالمناسبة وحسن الكرماط ممثل عن المجلس العلمي ببركان تمحورت حول الهجرة النبوية و قد تلى السيد عمر بركاني برقية التهنئة بحلول السنة الهجرية و الولاء و الإخلاص المرفوعة باسم فضيلة الشيخ الشريف سيدي سعيد ياسين و مقدم الزاوية السيد الحاج محمد مستعين إلى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
وقد امتلأت الليلة بنور تلاوات بينات من الذكر الحكيم، وأمداح نبوية إلى ساعات متأخرة من الليل حيث خشعت النفوس و لانت الجلود و رفعت الأكف، والقلوب مبتهلة إلى بارئها و متضرعة إلى مولاها، بأن يرزق أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس العز والنصر والتمكين وأن يبارك خطواته الميمونة وأن يديم عليه موفور الصحة والعافية والسعادة والهناء وأن يحفظ ولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن ويشد عضده بشقيقه الأمير مولاي رشيد وباقي الأسرة الملكية الشريفة.
فالهجرة محطة في حياة العبد وجب المرور منها والهجرة الحقيقية ، هي من هاجر هوى النفس وما نهى الله والرسول عنه من أجل تقوية الإيمان، والزيادة في التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب، والإخلاص في العمل من خلال الثبات على المبدأ والمنهج ومراعاة حدود الشريعة