صباحالشرق / نورالدين ميموني
إنهم العمال العرضيين الحاضرون في كل مكان، لكننا بالكاد نراهم لا أحد ينتبه إليهم، على الرغم من أن لا حي يخلو منهم، ولا عين تخطئهم عناوينهم التي يفنون فيها زهرة عمرهم بدون مظلة تحميهم من لهيب الشمس وزمهرير الشتاء.
يجوب هؤلاء العمال غير المرئيين الأحياء في أطراف النهار و في آناء الليل، مسلحين بعصا تقف على مكنسة يميطون بها الأذى الذي يلقيه الأنام على الطريق وبجانبيه فترى ذا شيبة بيضاء يكنس أطراف الشارع، وشابا في مقتبل العمر يرفع حاوية قمامة، غير آبه بالروائح النتنة التي تنبعث منها أوالإصابة بالأمراض بسبب تفشي الجراثيم والفطريات حول حاويات القمامة وداخلها، وها نحن اليوم نواجه عدوا جديدا قد يصيبنا على غفلة منا”، يقول أحد العمال العرضين للجريدة ، بحذر في إشارة إلى جائحة فيروس كورونا التي تجتاح مؤخرا البلاد والعباد.
يبدأ العمال العرضيين عملهم في الساعات الأولى من كل يوم جديد، دون اكتراث بأشعة الشمس الحارقة التي تلفح محياه أو البرد القارس الذي يشل جسده أو حتى الغبار الشديد الذي يسد أنفه، بهاجس وحيد هو تنظيف الأزقة والشوارع والفضاءات العامة والأسواق، وجمع النفايات المنزلية، حرصا على نظافة البيئة وسلامة المواطنين، خصوصا في ظل الإجراءات الاحترازية التي يفرضها الوضع الراهن.
يقول أحد العمال لجريدة “صباح الشرق” مهنتنا مهنة خطرة لا أتحدث عن الحوادث اليومية، أو خطر الإصابة بالزجاج أو الأدوات الحادة المتراكمة بالقمامة فهذا أمر تعودنا عليه ، لأننا نتعامل بشكل مباشر مع المخلفات التي قد تكون معدية أو ناتجة عن شخص مصاب”، مستطردا “لذا يجب أن يتذكر كل شخص، قبل رمي مخلفاته، أن من سيجمعها بعده إنسان مثله لديه أسرة وأطفال”.
هم الجبهة الثانية، في معركة حماية الصحة العمومية، جنبا إلى جنب مع الطواقم الطبية إذ يجد عمال النظافة أنفسهم، وجها لوجه، في مواجهة “كوفيد-19” خصوصا في ظل الظروف الراهنة، والأمراض التي تحاصر عمالها جراء عدوى الأمراض المنقولة من النفايات، وذلك على الرغم من كل التدابير الوقائية التي اتخذتها الجهات الوصية لفائدتهم ومن أجل حمايتهم، بالأساس، من فيروس كورونا المستجد وتوفير قفازات وكمامات للوقاية من الفيروس وبتعقيم حاويات الأزبال بمحلول خاص لقتل الجراثيم والفيروسات.
وفي التفاتة إنسانية محمودة، اجتاح وسم “شكرا عمال النظافة”، مؤخرا، عبر مواقع التواصل الاجتماعي تعبيرا عن عظيم الامتنان لهم لما يقدمونه من خدمات جليلة للمجتمع وعرفانا بمجهوداتهم المبذولة من أجل السهر على نظافة المدينة والأحياء والحفاظ على البيئة كما دعا عدد من النشطاء عبر الشبكات الاجتماعية عموم المغاربة إلى تخفيف العبء على قطاع النظافة، بتحمل كل مواطن مسؤولياته برمي النفايات في أماكنها المخصصة.
“عامل النظافة مثله مثل الطبيب الذي يداوي مرضاه والمعلم الذي يعلم تلامذته إذا لم يعمل البعض منا في هذه المهنة من أجل خدمة المجتمع، فمن سيقوم بهذه المهمة !؟” يتساءل أحد العمال بكل صدق مستحضرا قول الرسول صلى الله عليه وسلم : “أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى الله أَنْفَعُهُمْ لِلّنَاسِ”.