صباح الشرق / زكرياء ناجي
يعتبر تصميم التهيئة وثيقة تعميرية مرجعية تعنى بالتخطيط الحضري ، و إذا كان الهدف من هذه الوثيقة هو عقلنة استغلال العقار و تنظيم المجال وتحسين الطابع الحضري وتدعيمه بالتجهيزات التي يحتاجها المجال في تنميته اقتصاديا واجتماعيا، عبر تحديد مختلف المناطق التي يجب التخطيط لاستعمالها من أجل تنظيم أنشطة معينة، كإحداث وتوجيه نمو المناطق السكنية والصناعية والتجارية والمناطق الخضراء والأراضي المخصصة لإحداث التجهيزات والمرافق الاجتماعية …، و كذا ضوابط استعمال الأراضي المفتوحة للتوسع العمراني، وتلك التي تخضع تهيئتها لتنظيم قانوني خاص أو تتطلب إعادة الهيكلة أو عدم البناء بسبب الارتفاقات المفروضة عليها، و ذلك طوال مدة سريان تصميم التهيئة التي تمتد 10 سنوات .
فإن مراحل إعداد تصميم التهيئة يتطلب تداخل مجموعة من السلطات والمديريات والوكالات والمفتشيات و المجالس … ، كما أنه يمر من مجموعة من المراحل ( مرحلة التحليل الأولي والتشخيص، مرحلة المشاورات ، مرحلة الدراسة من طرف اللجنة التقنية المحلية ، مرحلة البحث العلني يتم خلالها تدوين الملاحظات وتسجيل الاعتراضات ، مرحلة دراسة هذه الملاحظات والاعتراضات في دورة عادية أو استثنائية للمجلس و أخيرا الموافقة على التصميم بمرسوم منشور بالجريدة الرسمية ..) .
كل هذه المساطر والمراحل و غيرها تبين أهمية هذه الوثيقة التعميرية لكونها تحاول أن تضمن انسجام مختلف الرؤى والتدخلات حول واقع ومصير المدينة ، وهذا يذكرنا بالعلاقة الوطيدة التي تربط تصميم التهيئة بسياسة المدينة التي تستلزم من كل الفاعلين والمتدخلين تحديد ما ستكون عليه وظيفة ومحتوى الحاضرة في المستقبل، وبالتالي تجنب ارتكاب الأخطاء “القاتلة” التي يصعب تصحيحها في فترة متقدمة من نمو المدينة .
تصميم التهيئة الخاص بمدينة العيون سيدي ملوك المصادق عليه سنة 2016 ، و الذي يشمل أجزاء من جماعة عين الحجر القروية ، يتضمن منطقة مخصصة للحي الصناعي تتواجد على بعد حوالي 5 كيلومترات بجانب طريق تاوريرت ، و لا شك أن تخصيص هذه البقعة الأرضية لاحتضان الحي الصناعي لم يأت من محض الصدفة بل جاء بعد مشاورات و دراسات و تحاليل كان المجلس الجماعي للعيون سيدي ملوك بكل أطيافه طرفا فيها ، بحيث لم يبدي حينها أي اعتراض بخصوص هذه النقطة أثناء مرحلة إعداد التصميم .
اليوم و بعد مرور أكثر من 6 سنوات على دخول تصميم التهيئة الخاص بمدينة العيون سيدي ملوك إلى الخدمة ، يحاول عدد من المنتخبين ترويج بعض المغالطات ، مفادها أن القطعة الأرضية المخصصة للحي الصناعي بتصميم التهيئة غير لائقة ( صعوبات في الربط بالوادي الحار ) ، و بالتالي من الضروري البحث عن قطعة أرضية أخرى حتى و لو كلفت ميزانية ضخمة ، محاولين إلقاء اللوم و المسؤولية على المجالس السابقة ، رغم أنهم كانوا و ما يزالون جزءا من تركيبة هذه المجالس .
و لعل الأسئلة التي تطرح نفسها بشدة في هذه الحالة :
1 – لماذا لم يبدي المجلس الجماعي ( معارضة و موالاة ) سابقا أي اعتراض أو ملاحظة حول هذه النقطة أثناء مرحلة إعداد تصميم التهيئة ، هل هو انعدام للتخطيط و النظرة المستقبلية ؟؟
2 – إذا كانت القطعة المخصصة للحي الصناعي بتصميم التهيئة غير مناسبة كما يروج البعض .. فلماذا فضل المجلس الجماعي الصمت طيلة هذه السنوات ؟
3 – كيف اقتنع هؤلاء بأن البقعة المخصصة للحي الصناعي بتصميم التهيئة غير لائقة ؟ هل بناءا على دراسات تقنية و فنية من جهات مختصة أو فقط وفق أراء و استنتاجات شخصية قد تصيب و تخطىء ؟؟
4 – ما الجدوى من تخصيص بقعة أرضية بتصميم التهيئة لاحتضان الحي الصناعي ، إذا كان في أخر المطاف سيتم الاستغناء عنها و البحث عن مواقع أخرى ؟؟
5 – ألم يفوت الساهرون على الشأن المحلي فرصة ذهبية على المدينة خلال 6 سنوات الماضية ؟؟ بحيث أنهم لو باشروا إجراءات إقتناء و تصفية العقار الخاص بالحي الصناعي لكانت العيون سيدي ملوك من ضمن المدن و القرى المستفيدة من مناطق الاستقبال الصناعي ؟؟
أسئلة و أخرى نتمنى من الساهرين على الشأن المحلي ، تنوير الرأي العام بخصوصها .
