صباحالشرق / نورالدين ميموني
في إطار إحياء الشعب المغربي والمسلمين قاطبة لذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم واحتفاء بهذه الذكرى العطرة وتعبيرا عن ما تحمله هذه المناسبة الغالية من دلالات عميقة وتحت شعار “حبيب الله نبي الرحمة الرسول سيدنا محمد : النعمة المسداة والرحمة المهداة ” نظمت زاوية الطريقة الصوفية العلوية المغربية حفلا دينيا روحيا يوم السبت 18 ربيع الأول 1444 هــ الموافق لـ 15 أكتوبر 2022 هـ بمقر زاويتها الرئيسية بمدينة العيون الشرقية الكائنة بمحيط الطريق الجهوية المؤدية إلى بركان.
وكان في حضور هذا الحفل الديني شيخ الطريق الصوفية العلوية الحاج سعيد ياسين ومقدم الزاوية العلوية بتاوريرت الحاج مستعين ومحمد غداري المندوب الإقليمي لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بتاوريرت والأساتذة الأجلاء الحسن كرماط خطيب وواعظ بالمجلس العلمي ببركان وكذالك الأستاذ الحسن عيساوي باحث في الفكر الإسلامي وشيوخ وممثلو مقادمم الطرق الصوفية بالمغرب وعدد تجاوز الألف من ساكنة العيون الشرقية إضافة إلى مسموعون وفقراء مريدون أهل الذكر، عاشوا على مدار ساعات من الزمن لحظات روحانية في أجواء من التآخي والتآزر، على إيقاع تلاوة وترتيل الذكر الحكيم.
وقد انطلق الحفل الروحي الديني بعد صلاة المغرب بتلاوة الحزب من القرآن الكريم ثم سورة الواقعة جماعة وبعد ذلك قراءة الورد العام للطريقة (الوظيفة) وسند الطريقة ثم تلاوة سورة الفتح جماعة.
وتميز برنامج الحفل الديني بتلاوة جماعية لآيات من الذكر الحكيم، فضلاً عن بعض الأمداح النبوية والإبتهالات الربانية التي تحتفي بمولد الرسول ، التي كان يرددها الجميع في جوّ روحاني، بذكر محاسن النبي صلى الله عليه وسلم وخصاله الحميدة عليه أفضل الصلاة والسلام بأصوات عالية شجية لشباب بوجوه منيرة صبوحة بفعل تشبعهم بنفحات الإيمان الربانية ، يرددها معهم شيوخ وكهول بلغوا من الكبر عتيا وأبوا إلا أن يكونوا حاضرين اليوم للفوز بلحظات صفاء وتقرب من خالقهم سبحانه وتعالى.
وبعد أداء صلاة العشاء استمر الحفل بالذكر والسماع والمديح على سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وتجويد وتلاوة للقرآن وتخلله كلمات بالمناسبة ألقها كل من الحاج سعيد ياسين والأستاذ الحسن كرماط ثم كملة الأستاذ الحسن عيساوي جلهم تمحور حديثهم عن ذكرى المولد النبوي الشريف لما له من محطة روحية هامة و أساسية لكل مؤمن، يحييها كل سنة لتذكرنا بهذا النور المحمدي و بضرورة الاقتباس منه من خلال الإتباع و الإسوة الحسنة، عملا بإحياء السنة و إماتة البدعة و نشر الرحمة و بالتحلي بمكارم الأخلاق و الفضيلة، إنه لقبس من نور سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم. قال الله تعالى (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُم ) [سورة الحديد-الآية 19].
والأصل في التربية هو التأسي بسيدنا محمد صلى الله عليه و سلم في الأقوال و الأفعال و الأحوال فالعبد المؤمن كيفما كانت أحواله الباطنية أو الظاهرية فإنه ملزم بالاقتداء بالرسول الأعظم عليه أفضل الصلاة و السلام من خلال العمل المستمر و المثابرة و الصبر و اليقين الخالص لله و تسليم الأمر له و لا يتأتى هذا إلا بالمحافظة على الصدق في النية و الإخلاص في العمل و ما من خَيْرٍ أو بَرٍّ أو رَحمة إلاّ طلب النصيب الأوفر لأمته ” أمتي، أمتي، أمتي يارب” . فأرسل له سيدنا جبريل عليه السلام فقال له ما يبكيك، فهو العليم الخبير، قال من لأمتي بعدي يا جبريل. قال إنَّ الله يقول لك ” إِنَّا سَنُرضِيكَ في أُمَّتِكَ وَلا نَسُوؤُكَ” (الحديث) . قال غز من قال “وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى”. قال “يارب لا أرضى واحد من امتي في النار” قال “بشر أمتك ان كل من قال لااله إلا الله لن يخلد في النار” . حقا إنه النعمة المسداة و الرحمة المهداة. قال عز من قائل ” لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا” (الآية) . فزين الله تعالى نبيه المصطفى و حبيبه المرتضى صلى الله عليه و سلم بزينة الرحمة. فكان رحمة مهداة و جميع شمائله و صفاته رحمة على الخلق، فمن أصابه شيء من رحمته فهو الناجي في الدارين من كل مكروه و الواصل فيهما إلى كل محبوب و مرغوب الا ترى أن الله يقول ” وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ” . فكأن الرحمة تعلقت في ذاته صلى الله عليه و سلم و انحصرت اليه حتى صارت سجيته متمكنة فيه في قوله و فعله و حاله و تصرفه و قلبه . و هو القائل على نفسه ” إنَّما أنا رحمةٌ مُهداةٌ ” . فهي وصف يلازمه و لا يفارقه. فكان يعفو و يصفح، يمهل و يهمل، يبشر و يصبر “اللَّهمَّ اغفِرْ لقومي فإنَّهم لا يعلَمونَ”.].
و عقب تناول الحضور لمآدبة العشاء التي أقيمت على شرفهم بذات المناسبة، ، أختتم الحفل الديني بالدعاء الصالح للأمة الإسلامية قاطبة كما رفعت أكف الضراعة إلى الله عز وجل، وبالدعاء الصالح لأمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس بالنصر والتمكين، وبأن يقر عين جلالته بولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، وصاحبة السمو الملكي الأميرة للا خديجة، ويشد أزره بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة.
واختتم الحفل برفع برقية الولاء والإخلاص المرفوعة إلى أمير المؤمنين و سبط الرسول الأمين مولانا جلالة الملك محمد السادس باسم شيخ الطريقة والمقادم والمريدين .
عدسة جريدة صباح الشرق واكبت الحفل الديني وأعدت لكم التقرير التالي بالصوت والصورة :