–صباح الشرق: الجزء الأول
يحكى أن بائع لبن، أو لبّانا، كان يمزج اللبن بالماء، حيث يضع جراته، ويملأ النصف باللبن والنصف الآخر بالماء، ورآه القرد زعطوط، فانتقم منه شر انتقام، حيث سرق كيس النقود وجلس جنب الواد يرمي قطعة في الواد وقطعة في كيسه، فقال بائع اللبن بعد تنهيدة كبيرة: فلوس الماء رجعت للماء وفلوس اللبن أخذها زعطوط.
كبرنا لنعرف أن زعطوط هذا قد يكون قردا عالميا شبيها بالموزيلا، الكائن العملاق الغريب، الذي ستُوقده المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ببركان التي كثر عنها الحديث مؤخرا، بعد أن استفادت العديد من التعاونيات والمقاولات الذاتية من دعم المبادرة في إطار برنامج تحسين الدخل والاندماج الإقتصادي لفائدة للشباب، لكن هاته الخطوة التي تمر بتهييء ملف المشروع والذي يحتوي على عدة مراحل بداية من التسجيل في منصة الشباب لحاملي أفكار ومشاريع ويشمل المقاولات الناشئة بالمقاولات والتعاونيات في مختلف المجالات ويمر الملف عبر دراسة مالية ودراسة تقنية للمشروع بحضور جميع المصالح ورؤساء الجماعات وبرئاسة عامل الإقليم للمصادقة الشاملة على المشاريع والشباب خريجي المنصة الذين يساهمون بنسبة 40% في هاته المشاريع.
وتقوم لجنة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بإرسال تحويل بنكي(virement)
للشركات التي تم اختيارها لتزويد أصحاب المشاريع بالآليات،لكن كما يقول المثل: “حتى زين ماخطاتو لولا”،حيث أن بعض المستفيدين من أموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ببركان قاموا بالتحايل على الهدف الأسمى من الإنخراط في المبادرة في غياب جانب التتبع والمراقبة الدقيقة للمصالح المعنية بعد الاستفادة من الدعم المالي، حيث باتت العديد من التعاونيات والمقاولات التي يتم قبول مشروعها وتستفيد بدعم المبادرة باقتناء آليات وأجهزة لمشروعها ومع الوقت يقوم هؤلاء المستفيدين ببيع آلياتها والاستفادة من أموال المبادرة في غياب تتبع ومراقبة من قبل مصلحة تابعة للعمالة والجهة التي تشرف على المشروع،كما أن أحد أعوان السلطة ببركان استفاد من دعم المبادرة باسم إحدى شقيقاته وقام بشراء دراجة نارية.
علما أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية هي مشروع تنموي ملكي انطلق رسمياً بعد الخطاب الملكي في 18 ماي2005، ويستهدف تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفئات الفقيرة وجعل المواطن المغربي أساس الرهان التنموي، وذلك عبر تبني منهج تنظيمي خاص قوامه الاندماج والمشاركة وليس للكسب بطرق ملتوية.
وكانت لجنة من وزارة الداخلية، قد شرعت في افتحاص المشاريع المنجزة والتي هي في طور الإنجاز، للوقوف على الاختلالات التي تشوب بعضها.
وتعتزم المفتشية العامة، حسب برنامجها، القيام بمهام افتحاص، ستشمل الحساب الخصوصي للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وستتم بهذا الخصوص ملاءمة الإطار المرجعي لهذه المهام مع المستجدات التي جاءت بها المبادرة الوطنية في مرحلتها الثالثة.
وأوضحت المصادر أن عملية الافتحاص التي تقوم بها المفتشية، تستند على المرسوم الصادر بتاريخ 19 يوليوز 2005، من خلال مراقبة مساطر تنفيذ النفقات المبرمجة في إطار الحساب الخصوصي المرصد لأمور خصوصية المسمى “صندوق دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية”، وذلك في إطار لجن مشتركة مع المفتشية العامة للمالية، مع اعتماد منهجية جديدة قوامها التركيز على تقييم المشاريع المنجزة في إطار المبادرة والوقوف عن كثب على ظروف تدبير المشاريع مع إيلاء عناية خاصة لكل ما قد يشكل عائقا أمام الاستغلال الأمثل للمشاريع.
هذا الوضع يحتم على عامل الإقليم بركان فتح تحقيق عاجل في كل المشاريع الضخمة من أموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والتحقيق في المشاريع مُدرة بالدخل، و الصفقات المشبوهة التي تمر تحت الطاولة، و استراتيجية التخطيط وسحب الثقة من المسؤولين الذين يشرفون على هذا الورش بعد هذا الفشل في التدبير للمال العام من اموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.