مستشفى الدراق ببركان بدون أطباء توليد ونداءات الاستغاثة تواجه بصمت وزارة الصحة

Houcine Daoudi
2025-05-24T09:25:02+00:00
الجهوية
12 مايو 2025

hopital darak berkane - www.sabahachark.com

صباح  الشرق

في قلب مدينة بركان، حيث تطمح الساكنة إلى خدمات صحية تحفظ كرامتها وتخفف آلامها، يقف مستشفى الدراق ببركان كنموذج للفشل في توفير أبسط شروط العلاج والاهتمام.

ورغم أنه يُفترض أن يكون مؤسسة استشفائية إقليمية قادرة على استقبال المرضى من مختلف الأعمار والحالات، إلا أن الواقع يكشف عن صورة قاتمة تثير القلق والاستياء.

نساء حوامل في رحلة معاناة نحو وجدةحين تُقسم الأرحام بين الغني والفقير

الوجه الأكثر قسوة في هذه المأساة، يعيشه يوميًا العشرات من النساء الحوامل اللواتي يُجبرن على خوض رحلة محفوفة بالخطر نحو مستشفى الفرابي بوجدة، في محاولة لتأمين أبسط حق إنساني: الولادة في ظروف آمنة…هذه المعاناة تتضاعف بشكل مأساوي حين يتعلق الأمر بالعمليات القيصرية، إذ لا يتوفر مستشفى الدراق على طبيب مختص ولا على شروط المرافقة الطبية المناسبة.

هكذا، تجد العائلات الميسورة نفسها مُضطرة إلى اللجوء إلى المصحات الخاصة، بينما تُترك الأسر المعوزة لمواجهة مصيرها بين أروقة مستشفيات وجدة، أو في أحسن الأحوال تنتظر الفرج وسط قلق ومجهول قد يودي بحياة الأم أو جنينها. مشهد صادم يقسم الأرحام إلى طبقات، حيث تُولد الحياة وفق القدرة على الدفع، لا وفق الحاجة إلى الرعاية.
في ظل هذا الواقع،لم يعد قسم الولادة بمستشفى الدراق ببركان سوى غرفة انتظار مفتوحة على الاحتمالات الخطيرة، دون طبيب، دون متابعة، ودون أدنى احترام لكرامة المرأة الحامل التي من المفروض أن تحاط بعناية خاصة لا أن تُرحّل تحت ضغط الألم والمسافة.

قسم الأطفال دون طبيب جراحةوقسم الأشعة بلا إشعاع طبي

ليست الولادة وحدها من تقبع في مهب الريح، فحتى قسم الأطفال يعاني من غياب طبيب مختص في الجراحة، مما يُرغم الأسر على البحث عن حلول خارج أسوار المستشفى، وبكلفة باهظة في كثير من الأحيان. أما قسم الأشعة، الذي يُعد ركيزة أساسية في التشخيص، فبات أشبه بمتحف مهجور، بعدما أصبح بدون طبيب، في مشهد يختزل حجم الإهمال والتخبط الإداري.

أقسام تحتضروأطر لا تكفي الحد الأدنى

قسم الجراحة العامة لا يتوفر سوى على طبيبين اثنين فقط، ما لا يفي بحاجيات المستشفى الإقليمي، خاصة في حالات الطوارئ المتكررة،أما قسم المستعجلات، الذي يفترض فيه أن يكون قلب المستشفى النابض، فلا يتوفر سوى على 3 أطباء، عدد لا يرقى حتى لتدبير مناوبة ليلية واحدة بشكل فعال.

قسم المستعجلاتحين تُترك الأرواح في مهب الانتظار

وإذا كانت أقسام المستشفى تعاني من اختلالات بنيوية ونقص في التخصصات، فإن قسم المستعجلات يُجسد فعليًا حالة الانهيار الصارخ داخل مستشفى الدراق. فقد أضحى هذا القسم الحيوي، الذي يُفترض أن يستقبل الحالات الحرجة على مدار الساعة، في وضع كارثي بسبب تناوب ثلاثة أطباء فقط على مناوبات طيلة الأسبوع بأكمله، في مشهد لا يصدق.

الرقم، في حد ذاته، يعكس حجم الكارثة، خصوصًا حين نعلم أن هذا القسم كان في سنوات سابقة يضم ما لا يقل عن 12 طبيبًا مداومًا على مدار أيام الأسبوع، ما كان يُتيح تدبير الحالات الطارئة بقدر من الكفاءة والجاهزية…أما اليوم، فبات القسم يئن تحت وطأة الضغط اليومي، وسط اكتظاظ متزايد وموارد بشرية منهكة، لا تكفي لتأمين الحد الأدنى من الخدمة.

هذه الفجوة الصادمة في الموارد، تقابلها صرخات مواطنين يتقاطرون على المستعجلات بحثًا عن تدخل عاجل لإنقاذ مريض، أو تسكين ألم، ليُفاجأوا بطوابير انتظار طويلة وأطباء يكافحون وحدهم في معركة لا متكافئة ضد الزمن ونقص الوسائل.

بركان بين مطرقة الإهمال وسندان اللامبالاة

أمام هذا الوضع المتردي، تجد ساكنة إقليم بركان نفسها رهينة الإهمال، ومرغمة على اللجوء إلى مصحات خاصة أو مستشفيات بعيدة، في وقت كان من المفروض أن يلعب مستشفى الدراق دورًا محوريًا في خدمة المواطنين وتخفيف معاناتهم.
وفأين هي وزارة الصحة من هذا الواقع الذي يصرخ وجعًا كل يوم؟ فهل من مجيب؟

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.