شارع محمد الخامس ببركان…حين يعانق الظلامُ مشاريع النسيان/الجزء الثاني من سلسلة: عامل الإقليم الجديد عبد الحميد الشنوري أمام مرآة الانتظارات…!!

الجزء الثاني:من سلسلة عامل الإقليم الجديد عبد الحميد الشنوري أمام مرآة الانتظارات…!!

حين تطأ قدما عامل جديد تراب عمالة بركان، تُبعث من جديد أشواق التغيير، وتتجدد آمال ساكنة أنهكها طول الانتظار، وتكالب السنين، وتراكم الوعود التي لم تتجاوز بعدُ حناجر الخطابات. وها هو عبد الحميد الشنوري، القادم من تجارب إدارية متنوعة، يجد نفسه في مواجهة صريحة مع موروث ثقيل من المشاريع المؤجلة، والهياكل المهجورة، والخدمات الناقصة التي ما عادت تنتظر حلولاً ترقيعية، بل قرارات جريئة تعيد رسم ملامح المدينة.

ولعل ما يختزل جزءًا من هذا العطب العميق، الصورة القاتمة التي يرسمها شارع محمد الخامس، الشريان الحيوي الذي كان يفترض أن يكون واجهة حضارية للمدينة، فإذا به يُختزل اليوم في مشهد من العتمة والفوضى، بعد أن أُزيلت أعمدة الإنارة دون إنذار، ولا إشارات أشغال، ولا تبرير مقنع، ما ترك الشارع غارقًا في ظلام دامس، يعمّق الشعور بالخذلان، ويُهدد سلامة الراجلين والسائقين، ويكشف الخلل المزمن في تدبير البنية التحتية.

وفي الجانب المجاور، قاعة 11 يناير، التي كان يفترض أن تكون فضاءً رياضيًا أو ثقافيًا، تحوّلت إلى مستودع بدائي لتخزين الحجارة، في مشهد لا يليق بمدينة تتغنى بالتنمية. بل الأخطر من ذلك، أن هذا التراكم العشوائي يغذي حالات الشغب ورشق الحجارة خلال المباريات، مما يُهدد السلامة العامة، دون أن تبادر الجهات المسؤولة إلى تأهيل أو تنظيف المكان، وكأن الأمر لا يعني أحدًا.

أما البنايات، فقد تحوّلت بدورها إلى خرائط للإهمال الحضري. في قلب شارع محمد الخامس، لا تزال أطلال بناية الدرك الملكي قائمة على رمادها، بعد أن هُدمت دون لوحة تعريفية أو مؤشر لورشة بناء. نفس المصير طال بناية موظفي الدرك بشارع السلطان مولاي محمد، ومقر الأعمال الاجتماعية لرجال التعليم، الذي لم يعد سوى بناء متصدع يثير الشفقة، ويطرح أسئلة حارقة حول منطق الهدم دون بناء، والتفكيك دون تخطيط.

كل هذه المظاهر لا تُلخص فقط أزمة شارع، بل تعكس نموذجًا مصغرًا لفلسفة التدبير القائم على التجاهل والارتجال، وتضع العامل الجديد أمام لحظة حقيقة: هل يُكتفى بتدشين مشاريع جديدة في مدينة ما زالت تعاني من أشباح الماضي؟ أم أن الوقت قد حان لتحرير بركان من قيود التجميل السطحي، والانتقال إلى إصلاح جذري يستعيد للمدينة بريقها؟

ترقّبوا يوم غدًا الجزء الثالث:
المسبح شبه أولمبي ببركان… المشروع الغارق قبل أن يولد.

-صباح الشرق