صباح الشرق / SABAHACHARK
وجه من مدينتي: خديجة رشمون…شمعة العمل الجمعويالتي أطفأها وباء كورونا
في نونبر من سنة 2020، خيّم الحزن على النسيج الجمعوي بإقليم بركان،بعدما خطف وباء كورونا واحداً من أبرز وجوهه النسائية، الفاعلة الجمعوية خديجة رشمون، رئيسة جمعية الاتحاد الوطني لنساء المغرب – فرع سيدي سليمان. برحيلها، فقدت المنطقة امرأةً نذرت حياتها لخدمة غيرها، وصوتاً ظلّ صادقاً في الدفاع عن قضايا المرأة والتنمية الاجتماعية.
– البدايات… من حلم الدراسة إلى درب العطاء
وُلدت خديجة رشمون يوم 13 ماي 1968. بعد حصولها على شهادة الباكالوريا في العلوم التجريبية، كان من الممكن أن تختار مساراً جامعياً، لكنها آثرت أن تجعل من العمل الجمعوي رسالتها الأولى، مستجيبةً لنداء داخلي عميق حملها نحو خدمة الناس.
ومنذ نعومة أظافرها، وجدت نفسها مأخوذة بأجواء الجمعيات، تتدرّب على قيم التطوع والعطاء قبل أن تخوض التجربة بشكل رسمي سنة 2003، عندما التحقت بالفرع المحلي للاتحاد الوطني النسوي ببركان.
– مسيرة حافلة بالتأسيس والبناء
سرعان ما أثبتت خديجة رشمون مكانتها كطاقة نسائية متميزة، حيث ساهمت إلى جانب الحاجة الطاوس القادري في رفع مستوى أداء الاتحاد وإبراز صورته جهوياً ووطنياً.
وفي يناير 2004، كانت من أبرز المساهمات في تأسيس فرع سيدي سليمان شراعة للاتحاد النسوي، إضافة إلى انخراطها في مشاريع نوعية مثل محو الأمية، التربية غير النظامية، ومخبزة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
لم يكن عطاؤها محدوداً بمكان واحد، فقد امتد ليشمل تجديد وإحداث فروع الاتحاد بكل من أحفير وأكليم، كما ساهمت بقوة في بناء وتجهيز مركزي أحفير ولمريس للإعداد الحرفي، لتفتح آفاقاً جديدة أمام نساء المنطقة لاكتساب المهارات وتحقيق الكرامة.
– مبادرات تتجاوز الحدود
تميّزت خديجة رشمون بقدرتها على مدّ الجسور وبناء الشراكات، إذ شاركت في مشروع تقوية قدرات المنتخبات والفاعلات الجمعويات ببركان بشراكة مع وزارة الداخلية، وساهمت في شراكة أخرى مع بلدية “زيست” الهولندية، أثمرت عن إحداث قاعة للإعلاميات بمقر الاتحاد، ما مكّن المكونات والمستفيدات من ولوج عالم التكنولوجيا بثقة وكفاءة.
– “جوكر الاتحاد النسوي”
لم يكن غريباً أن يلقبها البعض بـ “جوكر الاتحاد النسوي”، إذ كانت حاضرة في كل المبادرات، تتحرك بنشاط قلّ نظيره، تمثل جمعيتها في المحافل الإقليمية والجهوية والوطنية، وتشارك بفعالية في الحملات الصحية والتحسيسية التي لامست قلوب الناس قبل عقولهم.
– رحيل ترك فراغاً كبيراً
خديجة رشمون لم تكن مجرد فاعلة جمعوية؛ كانت مدرسة في التفاني ونكران الذات، ووجهًا مشرقًا من وجوه بركان. برحيلها في نونبر 2020 بعد صراع مع فيروس كورونا، فقدت الساحة الجمعوية صوتاً نسائياً قوياً، ورمزاً من رموز الكفاح من أجل تمكين المرأة وتنمية المجتمع.
رحم الله الفقيدة، وأسكنها فسيح جناته، وجعل أعمالها الجليلة في ميزان حسناتها.