صباح الشرق /SABAHACHARK
وجه من مدينتي…فريد كومار… من مسرحالحي إلى دروب الرحالة
– من أزقة بوقشار إلى بدايات الحلم
رأى فريد كومار النور يوم 14 نونبر 1955 بحي بويقشار بمدينة بركان، حيث ترعرع بين أزقته الضيقة وبيوته الواطئة…هناك اشتد عوده وبدأت ملامح شخصيته تتشكل، قبل أن يلتحق بفصول الدراسة سنة 1963 بمدرسة ابن هانئ الأندلسي (لبرارك)، غير أنه سرعان ما أدار ظهره للمقاعد الدراسية سنة 1970، ليجد نفسه أسير الحي وأزقته إلى غاية سنة 1977، حين قرر أن يفتح صفحة جديدة مع عالم المسرح والكشافة.
– البدايات المسرحية والكشفية
التحق فريد كومار بفرقة الربيع للمسرح والصباغة بسيدي سليمان شراعة، التي غيّرت اسمها لاحقًا إلى نجوم الشرق ونقلت مقرها من دار الشباب حي بوكراع إلى دار الشباب الأندلس سنة 1979…هناك اشتغل فريد كومار كممثل لمدة سنة ونيف، موازاة مع انخراطه في صفوف منظمة الكشافة المغربية الإسلامية فرع بركان، حيث بدأ رائدًا جوالًا قبل أن يرتقي إلى قائد وطني حاملًا للشارة الخشبية، وهي شارة دولية مرموقة.
ساهم في تأطير التجمع الوطني الخامس للجوالة العرب بالمعمورة سنة 1985، كما أطر المخيم الوطني بالهرهورة في السنة نفسها، إضافة إلى إشرافه على عدة مخيمات وطنية صيفية وشتوية وربيعية.
– تجربة الفكاهة والثنائيات
لم يكتف فريد كومار بالمسرح والكشافة، بل طرق باب الفكاهة من أوسع أبوابها. التحق بركب الثنائيات الفكاهية التي عرفت رواجًا كبيرًا في المغرب آنذاك، حيث كوّن ثنائيًا ناجحًا مع عبد الحفيظ الطاهري تحت اسم “ديم ودام”، قبل أن يواصل التجربة مع حسن حدو، فكانت لهما مشاركات لافتة في تظاهرات ثقافية ونقابية وسياسية وطلابية، لتتوج مسيرتهما بمشاركتهما في البرنامج التلفزيوني الشهير سباق المدن سنة 1987.
بعدها واصل المشوار مع إبراهيم عطية تحت اسم جديد الثنائي جاد وساخر، حيث قدما أعمالًا ساخرة ناجحة، واشتغلا أيضًا على مسرح الطفل مع أطفال الكشافة.
ولم يتوقف عند ذلك، بل أسس إطارًا فكاهيًا تحت اسم النخبة الكوميدية لمدينة بركان، الذي ضم وجوهًا بارزة مثل حسن حدو، يحيى هراس، يحيى دحان، عبد الحفيظ الطاهري، الحفيظ الناجي، المرحوم عبد الكريم مغراوي، والأستاذة فاطمة الزهراء عبيد.
– من الهواية إلى الاحتراف
انتقل فريد كومار من عوالم الهواية إلى فضاءات الشغل والاحتراف، حيث اشتغل في التعليم الخصوصي كسائق حافلة لنقل التلاميذ، ومنشط للأندية التربوية.
شارك في عدة مهرجانات لمسرح الأطفال والمسرح المدرسي والحكاية التربوية، كما خاض تجربة المسرح البيئي رفقة جمعية حماية اللقالق البيضاء، مقدّمًا 11 عرضًا مسرحيًا متنقلًا بين المدارس والإعداديات.
– النوادي والمغامرات
بروح مبتكرة، أسس نادي المشائين الصغار لفائدة تلاميذ السلك الابتدائي، ثم دعا إلى تأسيس نادي الكشافة الرواد بركان، قبل أن يؤسس نادي المشائين الرواد ببركان.
ومع مرور الوقت، تفرغ للخرجات الخلوية بين الجبال والغابات والأودية، ليتوج هذه التجربة برحلة استثنائية إلى جنوب إفريقيا، حيث جاب إقليم الكاب من شرقه إلى غربه، واكتشف غاباته وشواطئه وأنهاره وحدائقه الطبيعية والحيوانية وأدغاله ومواقع المغامرات.
كانت تلك الرحلة بمثابة تتويج لمسار طويل جمع بين المسرح والكشافة والفكاهة والمغامرة.
فريد كومار لم يكن مجرد ممثل أو قائد كشفي أو فكاهي عابر، بل كان شخصية متعددة الأبعاد، صنعت لنفسها مسارًا ثريًا امتزج فيه المسرح بالرحلات، والكشافة بالفكاهة، والحي الضيق بعوالم الطبيعة الفسيحة. رجل جمع بين التكوين المسرحي والانتماء الكشفي وروح الدعابة والمغامرة، ليظل اسمه حاضرًا في ذاكرة بركان الثقافية والكشفية والفنية.