تاريخ دبدو.. المكان الذي أحب العالم أجمع و تعايش فيها المسلمون واليهود

daoudi
2019-06-25T08:44:13+00:00
العيون الشرقية
15 يونيو 2019

DSC 0136 1 - www.sabahachark.com

صباحالشرق / نورالدين ميموني

تقع مدينة دبدو (ضواحي إقليم تاوريرت) ، واقعها اليوم لا يشبه ماضيها، فالمدينة كانت غنية بتاريخها الذي امتد لقرون خلت كما أن لهذه البلدة قصة جديرة بأن تروى. في تفاصيل الأزقة العتيقة، ذكريات تقاوم النسيان تعبق الأمكنة الممتدة على مدى البصر بأريج التاريخية لا شيء يفلت في هذه الربوع من مشاعر الألفة التي تجتاح الزائر والعابر والمستكشف.

DSC 0127 - www.sabahachark.com

وعاشت هذه المدينة أزهى فتراتها أيام حكم الدولة المرينية، وفي عهد السعديين استعملت لصد أي هجوم تركي محتمل توجد بالمدينة العديد من المآثر التاريخية من بينها القصبة المرينية، عين سبيليا نسبة إلى مدينة إشبيلية الأندلسية، إضافة إلى الملاح المتواجد وسط المدينة والذي يتميز بعدم وجود أسوار، وهو ما يعكس التعايش الذي عرفته دبدو بين المسلمين واليهود القادمين من الأندلس بعد سقوط غرناطة.

DSC 0150 - www.sabahachark.com

في مدخل المدينة لا شيء يختلف عن مشارف المدن الصغيرة لكن جولة قصيرة تظهر مخبوء التراث وما انطوت عليه الذاكرة تحث الأقدام خطاها على الزقاق العتيق وتنسرب بين الممرات الضيقة حيث اصطفت أبواب المنازل المسقوفة بالأخشاب. ثم تمضي صاعدة نحو نبع الماء الأشهر في هذه المدينة “عين سبيلية”، قريبا من الملاح حيث عاش اليهود إلى جانب المسلمين – على مدى قرون – في أجواء يطبعها الاحترام والتقاسم والعيش المشترك.

a0e4409cb01b11e3590310ba36c4e0b0 - www.sabahachark.com

لم تأكل القرون ذلك البهاء وحسن الضيافة والسحر الذي لا زال يميز هذه الروضة الغناء، وإن كان إسم دبدو الأمازيغي يشير إلى شكلها الذي يشبه القمع..((بكسر الميم))..فهي قد فتحت أبوابها أمام كل العابرين والمطرودين والمتسولين الذين لا يملكون أرضا ولا وطنا، فبعد أن طرد ت إيزابيلا اليهود من الأندلس قصدوا هذه المدينة بحكم موقعها الريادي في المملكة…ففتنوا بها و أطلقوا عدة مسميات على بعض الأمكنة ليتدكروا حضارتهم هناك ..مثل اسبيلية نسبة إلى إشبيلية …فكانت بحق نموذجا مغربيا راقيا لحوار الحضارات وتجسيدا للطابع الإجتماعي للإسلام الذي تعايشت داخل نسيجه مختلف الديانات والأطياف….فلا غرابة إدن أن نرى الألفة قائمة بين زوارها الأوفياء وبين المدينة التي شدهم إليها سحر لا يقاوم …ودهشة من الطبيعة العدراء المفترسة للأعين…فمن شرب مياه عين اسبيلية العدبة سيحيا دائما على العودة لسحر الأرض المعطاء…..

DSC 0086 - www.sabahachark.com

جدير بالذكر أن مدينة دبدو عاشت تاريخا طويلا زاخرا بالأمجاد و البطولات غني بتجارب إنسانية متعددة أطرتها مشارب ثقافية متعددة ، فمن وجود أمازيغي ما زالت بعض آثاره موجودة على مستوى بعض التسميات و التقاليد المحلية ، تم إمارة من أمارات بنو مرين ، شكلت دبدو عبر التاريخ منطقة إستراتيجية تسبب الاستيلاء عليها في نشوب معارك تاريخية و لعل قصبة بنو مرين تعتبر شاهدا حيا على الماضي التليد الذي عرفته المدينة إلى جانب الخندق المحيط بها ( تاحفير) و الكهوف التي تؤثث كل مجالها و المجاورة لها ككهف « الماء » و كهف » السبع » دون نسيان دورها الاقتصادي على مستوى الربط التجاري بين مدينتي فاس و تلمسان .

DSC 0120 - www.sabahachark.com

كما عرفت المدينة استقرارا لساكنة يهودية معتبرة ، أثر بدوره في بعض أنماط العيش و اللغة بحكم الامتداد الزمني الذي استمر فيه و الامتداد البشري و الذي تقول بعض الدراسات أن تعداده بلغ في بعض الحقب التاريخية أكثر من المسلمين و عدد أماكن العبادات ( البيع ) تجاوز عدد المساجد بالمدينة ، و قد عرفت مدينة دبدو عبر التاريخ نموذجا حضاريا راقيا للتعايش و التسامح بين الديانتين اليهودية و الإسلامية

DSC 0144 - www.sabahachark.com

يقول مؤرخون إن هذه القصبة بنيت في الفترة المرينية في غضون القرن الثالث عشر وتؤكد الأستاذة الباحثة بجامعة غرونوبل بفرنسا كلير مارينور أن دبدو التي كانت تقع على طريق القوافل التجارية وأشرت على حضور تاريخي وازن جديرة بأن تكون “جاذبة لكل الذين يهتمون بالتاريخ والحضارات والحوار بين الثقافات”.

DSC 0148 - www.sabahachark.com

وتؤكد دراسات تاريخية أن غالبية الساكنة بدبدو كانت يهودية إلى حدود أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. وتفيد محافظة متحف التراث الثقافي اليهودي المغربي زهور رحيحل أن أوائل اليهود الذين قدموا إلى دبدو هم عائلة الكوهن الذين كانوا في إشبيلية إبان سقوط الأندلس.

DSC 0109 - www.sabahachark.com

DSC 0083 - www.sabahachark.com

DSC 0085 - www.sabahachark.com

DSC 0102 - www.sabahachark.com

DSC 0105 - www.sabahachark.com

DSC 0120 1 - www.sabahachark.com

DSC 0137 - www.sabahachark.com

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.