بقلم: عبد المنعم محسيني عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية
تبعا للبحث الذي أنجز استعدادا للتحضير للمنتدى الجمعوي الرمضاني في نسخته الرابعة، والذي كان موضوعه تشخيص مسببات النزاعات والخلافات بين الجمعويين ( لطفا، أنظروا المرفق أسفله)، لم أستغرب بالنسبة للمصالح الذاتية التي احتلت نسبة 42,9 في المائة، ولم أندهش بالنسبة لغياب التواصل والتنسيق الذي احتل نسبة 28,6 في المائة، ولم أتعجب بالنسبة للحزازات الإيديولوجية التي احتلت نسبة ضئيلة تساوي 7,1 في المائة، باعتبارها من المجموع الإجمالي لمسببات الخلافات والنزاعات بين الجمعويين بإقليم بركان.
كل هذه المسببات المذكورة لم تدهشني، ولم تعجبني، ولم تستغربني.
ولكن!!!!!! ما أفزعني وأخافني هو نقص الوعي الذي رصد بصدد ذلك البحث المنجز استعدادا للمنتدى الجمعوي الرمضاني في نسخته الرابعة.
أفزعني وأخافني ليس بسبب وصوله لنسبة 21,4 في المائة من المجموع الإجمالي لتلك المسببات، التي في حقيقة الأمر تتعدى ذلك المستوى، اتصل إلى نسبة 71,5 في المائة إذا ما تم إضافة 42,9 في المائة التي تعود للمصالح الذاتية والحسابات الضيقة، باعتبار هذه الأخيرة لا تكون ناتجة سوى عن نقص الوعي أو انعدامه.
هذه النسبة الحقيقية في نقص الوعي التي تصل إلى 71,5 في المائة، والذي تم رصده في البحث المنجز استعدادا للمنتدى الجمعوي الرمضاني الرابع، تؤكد بكل وضوح أن المجتمع المدني بإقليم بركان غير قادر عن القيام بأدواره التشاركية المتمثلة في المساهمة في إعداد وتنفيذ وتقييم المشاريع و القرارات العمومية.
وتبعا لذلك، فإن ما أفزعني وأرهبني ما تعنيه هذه النسبة من عمقها الاستنتاجي؛ وهو الذي فرض علي البحث في الجواب عن التساؤل التالي: ،
كيف تم تأسيس جمعيات المجتمع المدني، وهي غير قادرة على ممارسة الديمقراطية التشاركية، ما دامت 71,5 في المائة من الفاعلين الجمعويين غير قادرة على المساهمة، بسبب نقص الوعي، في إعداد وتنفيذ وتقييم القرارات والمشاريع العمومية طبقا لما تنص عليه مقتضيات الفصل 12 من الدستور؟
فكيف تكون قادرة على التأسيس وهي متصفة، حسب هذه الدراسة بنقص الوعي، ولا تعرف توجهات فكرية، وبالأحرى الاختلافات الفكرية والإيدايوجية؟؟؟؟؟
فمن جهة أولى، حبدا لو كانت مسببات النزاعات والاختلافات بين الجمعويين بإقليم بركان، تعود في نسبتها الكبرى للاختلافات الفكرية والإيديولوجية، لكانت معالجة هذه المعضلة سهلة جدا؛ والحال أن الحصة الكبرى تعود لنقص الوعي المفضي للمصالح الذاتية والحسابات الضيقة؛ فإن الأمر جد خطير اعتبارا ومن جهة أخرى، لكون نوعية المرض(نقص الوعي) الذي أصاب المجتمع المدني كمرض السرطان المنتشر في الدرجة الرابعة الذي لا دواء له، والفيروسات المستحدثة التي لقاح لها.
ومن جهة ثانية، يكون بالإمكان التسليم بأن التأسيس هو حقيقة وليس اصطناعا وليس وهما، لو كان نقص الوعي نسبة ضئيلة أقل من الحزازات الإيديلوجية والفكرية؛ لكن الصفة الاصطناعية في التأسيس تبقى من بين الاستنتاجات المصادفة للصواب.
وبناء على ما سبق ذكره، فإن الجواب عن هذا السؤال لن بؤدي إلا إلى نتيجة واحدة : وهي أن الغرض من تأسيس جل جمعيات المجتمع المدني ليس المساهمة في إعداد وتنفيذ وتقييم المشاريع و القرارات العمومية، وإنما لتشكل وسيلة في يد الكائنات الانتخابية؛ ولذلك، يكون من الأجدر تسميتها بالجمعيات الانتخابية بدل الجمعيات المدنية؛ وهذا النوع من الجمعيات هو الذي يهدد الديمقراطية التشاركية والتمثيلية على حد السواء.
لطفا، أنظروا الرسم البياني المومأ إليه أسفله والذي خلص إليه البحث المنجز من طرف المنتدى الجمعوي الرمضاني.