صباح الشرق
في إطار الاحتفال باليوم العالمي للمرأة الذي يصادف 8 مارس من كل عام، نظمت جمعية سبيل للأعمال الاجتماعية والثقافية ندوة صحية هامة تحت شعار: “صحة المريض قبل كل شيء”.
أُقيمت هذه الندوة الصحية الهامة يوم السبت 14 رمضان 1446 هـ، الموافق 15 مارس 2025، بدار الشباب ورطاس ببركان، مباشرة بعد صلاة الظهر، واستمرت لمدة ساعة ونصف، من الساعة الواحدة ظهرًا إلى الثانية والنصف زوالًا.
وقد شهدت الندوة حضورًا كبيرًا، حيث تفاعل الحاضرون مع المداخلات القيمة التي قدمها الأطباء، كما تم فتح المجال للأسئلة، مما أتاح فرصة للحضور للاستفسار عن بعض الحالات الخاصة، والاستفادة من النصائح الطبية المباشرة.
وقد عبّر المشاركون عن امتنانهم لهذه المبادرة القيمة، التي أتاحت لهم فرصة الاطلاع على معلومات طبية دقيقة ومهمة، لاسيما في ظل تزايد التساؤلات حول الصيام والأوضاع الصحية المختلفة التي قد تحول دونه.
وقد جاءت هذه المبادرة في سياق الاهتمام المتزايد بصحة المرأة، خاصة خلال فترات الحمل والرضاعة، وكذا في ظل التحديات الصحية التي تواجهها بعض النساء المصابات بأمراض مزمنة.
– ندوة صحية بتأطير نخبة من الأطباء المتخصصين
تميزت الندوة بحضور نخبة من الأطباء المتخصصين، حيث قدموا مداخلات غنية ومفيدة، استعرضوا خلالها إشكاليات طبية هامة تخص المرأة المسلمة خلال شهر رمضان.
وقد أشرف على تأطير هذه الندوة كل من الدكتور رشيدي كريم زكرياء، أخصائي في أمراض وجراحة النساء والتوليد والعقم، والدكتورة صوفيا خلافي، طبيبة عامة، حيث تم التطرق لمجموعة من المواضيع التي تمس صحة المرأة الصائمة، في ضوء الاعتبارات الطبية والدينية.
– الصوم والحمل: بين الفوائد والمخاطر
استهل الدكتور رشيدي كريم زكرياء مداخلته بالتأكيد على أن الصيام عبادة عظيمة، إلا أن هناك حالات تستدعي توخي الحذر، خاصة بالنسبة للنساء الحوامل.
فقد أوضح أن الحامل يُمنع عنها الصوم خلال الأشهر الثلاثة الأولى،نظرً الحساسية هذه الفترة وأهميتها في تثبيت الحمل وتشكيل الجنين،إذ أن الصيام قد يؤدي إلى تفاقم أعراض الغثيان والدوخة، كما قد يسبب نقصًا في العناصر الغذائية الضرورية لنمو الجنين.
أما بالنسبة للحوامل اللواتي يعانين من أمراض مزمنة مثل السكري أو ارتفاع ضغط الدم أو فقر الدم، فقد شدد الدكتور على أن الصوم يشكل خطورة كبيرة عليهن،حيث يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة، كما نصح النساء المصابات بأمراض مزمنة باستشارة الطبيب قبل اتخاذ قرار الصيام، لضمان عدم تعرضهن لمضاعفات صحية قد تؤثر عليهن أو على صحة الجنين.
– الرضاعة والصيام: ضرورة الموازنة بين العبادة والصحة
وفيما يخص النساء المرضعات، أكد الدكتور رشيدي أن الصوم ليس إلزاميًا لهن، خاصة إذا كان سيؤثر على جودة وكمية الحليب الذي يتغذى عليه الرضيع. فقد أوضح أن الأم المرضعة تحتاج إلى نظام غذائي متوازن وغني بالعناصر الغذائية لضمان تغذية سليمة لطفلها. كما أوصى بالتركيز على تناول الخضروات الغنية بالألياف لتعزيز الهضم، وشرب كميات كافية من الماء لتفادي الجفاف الذي قد يؤثر سلبًا على إنتاج الحليب.
–مرض السكري والصيام: رؤية طبية دقيقة
من جهتها، قدمت الدكتورة صوفيا خلافي مداخلة حول موضوع “مرض السكري والصيام”، حيث أكدت أن مرضى السكري ينقسمون إلى فئات مختلفة، ولكل فئة وضع صحي خاص يحدد إمكانية الصيام من عدمها. فهناك مرضى يمكنهم الصيام تحت شروط طبية صارمة، وهناك من يُمنع عنهم الصوم نهائيًا تجنبًا لأي مضاعفات خطيرة.
كما شددت الطبيبة على أهمية قياس نسبة السكر في الدم بشكل منتظم خلال شهر رمضان، وضرورة مراجعة الطبيب قبل الشروع في الصيام،وأكدت أن التوازن في تناول الوجبات، والحرص على عدم الإكثار من السكريات، يشكلان عنصرين أساسيين في الحفاظ على صحة مريض السكري خلال الشهر الفضيل.
تُعد هذه الندوة الصحية نموذجًا للمبادرات الهادفة التي تجمع بين التوعية الطبية والتوجيه الديني، حيث سلطت الضوء على مواضيع حساسة تمس صحة المرأة المسلمة خلال شهر رمضان. وقد تميزت المداخلات بالدقة العلمية، والاستناد إلى معطيات طبية دقيقة، ما جعل هذه الندوة ذات طابع عملي وقابل للتطبيق.
وتبقى مثل هذه الأنشطة رافدًا مهمًا لنشر الوعي الصحي، وتعزيز ثقافة الوقاية، وضمان صحة المرأة في جميع مراحل حياتها. فالصحة تظل أولوية قصوى، ولا ينبغي أن يكون الصوم سببًا في الإضرار بها، بل ينبغي أن يتم وفق شروط تضمن التوازن بين أداء الفريضة والحفاظ على سلامة الجسم.