صباح الشرق
ورد في مذكرات الصحافي الراحل مصطفی العلوي صاحب الإصدار الذي يحمل عنوان «مذكرات صحافي وثلاثة ملوك»،ارتباط مصطفى العلوي بأول رئیس حكومة مغربية لما بعد الإستقلال امبارك البكاي لهبيل ذو الأصل البركاني، هذا الرجل القوي كما نعته مصطفى العلوي، هو من عبَّدَ له الطريق ليكون صحافيا متميزا عندما وضعه على رأس جريدة « الفجر» التابعة الوزارة الداخلية آنذاك.
العلوي حکى عن صداقته مع امبارك البكاي لهبيل وعن فكرة اصطحابه للسينما لرؤية فيلم لبريجيت باردو، قبل أن تعترض زوجته بسبب لقطة خليعة للبطلة، كما حكى عن لحظة وفاة رئيس الحكومة، حين وجد العلوي الملك الراحل الحسن الثاني وهو يبكي امبارك البكاي بحرقة واضعا وجهه بين كتفيه.
مصطفى العلوي قال إن الحسن الثاني أمر بإقامة جنازة البكاي ببركان، حيث وجد الموكب الجنائزي فرق تحية من القوات الاحتياطية لتوديعه بكل مدينة.
من هو البكاي لهبيل أول رئيس حكومة مغربية بعد الاستقلال..؟
اسمه، البكاي بن مبارك لهبيل، ينحدر من مدينةبركان، وقد سجل اسمه في التاريخ المغربي باعتباره أول من تقلد منصب رئيس حكومة في المغرب بعد حصوله على الاستقلال أواسط خمسينيات القرن الماضي.
ولد البكاي لهبيل سنة 1907 في قبيلة بني يزناسن. اختارت له والدته اسم“البكاي” تيمنا بأحد الأولياء، ذلك أنها لم تنجب أطفالا لفترة فلجأت إلى ضريح سيدي علي البكاي في أجدير بني منقوش.
وعندما وضعت طفلها الأول والوحيد أسمته على اسم الولي.
توفي والده مبكرا وتركه طفلا صغيرا، وقد نذرت والدته عمرها لتربيته أحسن تربية، وقد كانت والدته “طاما” امرأة تتمتع بشخصية قوية، لدرجة أنها لقبت بـ”القايدة طاما”.
حرصت والدته على أن تعلمه ولذلك أدخلته الكتاب وبعدها المدرسة، التي كان أغلب مرتاديها من الفرنسيين في مقابل عدد قليل جدا من التلاميذ المغاربة.
التحق البكاي بالمدرسة العسكرية بمدينة مكناس، والتي تخرج منها برتبة “ملازم”.
توجه عام 1939، تلبية لنداء السلطان، إلى فرنسا للمشاركة في الحرب العالمية الثانية، وقد أصيب حينها في ساقه وتعرض للأسر ونقل على إثرها إلى ألمانيا، ونتيجة إصابته البالغة في ساقه فقد تم بترها.
تم ترحيله إلى المغرب في إطار تبادل الأسرى، وحينها تم تعيينه قائدا على قبيلة بني ادرار وبعدها باشا على صفرو.
علم البكاي بالخطة التي كانت تعدها سلطات الحماية وبعزمها تنحية السلطان محمد بن يوسف، أخبر السلطان، وبعدها توجه إلى فرنسا للعمل على عرقلة تلك المساعي، غير أنه وبينما كان هناك تم نفي السلطان في غشت من عام 1953، وحين وصله الخبر قدم استقالته من منصبه في الباشوية.
موقف البكاي هذا، حظي بتنويه السلطان الذي بعث برسالة من منفاه مما جاء فيها “لا شيء يمكن أن يواسينا في منفانا أكثر من شعورنا بإخلاص رجل، المغرب فخور به كواحد من أبنائه، ولن تتأخر الأجيال القادمة عن تكريم جنابنا الشريف بالتنويه بذكركم وسيظل اسم البكاي مقترنا باسم جلالتنا”.
تشبت البكاي بمحمد بن يوسف سلطانا شرعيا للبلاد، ساند الحركة الوطنية وقاد عدة مساعي من أجل نيل الاستقلال.
عاد الملك محمد الخامس من المنفى في نوفمبر من عام 1955. وبعد ذلك في بداية عام 1956 تم تشكيل الحكومة التي عين البكاي رئيسا لها.
في مارس من عام 1956 وقع البكاي عقد الاستقلال. بعد ذلك بنحو سنتين ونتيجة مشاكل داخل الحكومة قدم البكاي استقالته، ليتم بعدها تشكيل حكومة أحمد بلافريج.
وفي عام 1960 عندما شكل الملك محمد الخامس حكومة ترأسها وكان ولي عهده نائبا له فيها، تم تعيين البكاي وزيرا للداخلية.
في السادس والعشرين من شهر فبراير عام 1961 توفي الملك محمد الخامس، وفي الثاني عشر من شهر أبريل من السنة نفسها توفي البكاي بن مبارك، أي أن البكاي توفي شهرا ونصف فقط بعد وفاة جلالة الملك محمد الخامس.