مساءلة الإهمال والعدالة: قضية يسرى ونقطة اللاعودة في محاربة الإفلات من العقاب

Houcine Daoudi
2025-03-17T19:04:10+00:00
مجتمع
10 مارس 2025

IMG 20250310 WA0002 copy   - www.sabahachark.com

الدكتور: مراد زيبوح

إذا صح خبر فتح بحث قضائي من طرف النيابة العامة في قضية الطفلة يسرى، فإن ذلك يشكل خطوة إيجابية في اتجاه تحقيق العدالة. ومع ذلك، يظل السؤال الأهم: لماذا لا تعتمد النيابة العامة على آلية التواصل مع الصحافة بعد إنهاء الأبحاث، لإطلاع الرأي العام على نتائج التحقيقات في آجال معقولة؟

هذا التساؤل يزداد إلحاحًا عند استحضار ملفات أخرى لم تحظَ بتوضيحات رسمية كافية، مثل التحقيق في قضية الشباب المغاربة الذين راحوا ضحية العدوان الجزائري بشاطئ السعيدية. أين وصل البحث في هذه القضية؟ وهل قامت الدولة المغربية بأي تحرك على المستوى الدولي لمساءلة الجناة؟ ومن المسؤول الحقيقي عن الواقعة؟ هل الشباب أنفسهم أم الجيش الجزائري؟

ما يميز قضية يسرى هذه المرة أن الجناة المحتملين، سواء كانوا أشخاصًا معنويين أو ذاتيين، يوجدون داخل الحدود الوطنية. فهل سيجري ترتيب المسؤوليات الجنائية، ولو من باب جريمة الإهمال المنصوص عليها في الفصل 432 من القانون الجنائي المغربي، الذي يعاقب من تسبب في قتل غير عمدي بسبب عدم التبصر أو الإهمال؟

إن الإجابة عن هذا السؤال تتجاوز مجرد حادثة عرضية لتصل إلى جوهر أزمة تتكرر في أشكال مختلفة: الإهمال الطبي، الأشغال العشوائية، الحفر غير المحمية، البالوعات المفتوحة، وحتى إزالة المطبات التي قد تساهم في تجمع المياه. فهل يمكن تصور أن زمن الإفلات من العقاب قد انتهى؟

في سياق البحث، هناك عدة نقاط قد تسلط الضوء على المسؤولية الجنائية والإدارية:
1. بناء طريق أسفل قنطرة في مجرى مائي دون تدابير وقائية كافية، ما يشكل خطراً واضحًا على مستعمليه، وهو ما يندرج ضمن عدم التبصر وعدم الاحتياط المخالف للقوانين.

2. إنشاء بالوعات ذات أغطية غير آمنة، إما لكونها قابلة للفتح بفعل ضغط المياه أو السرقة أو تدخلات مجهولة، على عكس البالوعات ذات الفتحات الجانبية الأقل خطورة.

3. السماح بتجزئات قانونية أو سرية في مجاري الوديان، ما يؤدي إلى عواقب كارثية عند تساقط الأمطار.

4. وفاة الطفلة يسرى نتيجة هذا الإهمال، ما يستوجب مساءلة المسؤولين عن هذه الأخطاء، سواء من اتخذوا القرارات أو من سكتوا عن المخاطر.

فهل سيتم حفظ القضية لحين العثور على الجاني المجهول الذي فتح البالوعة؟ أم ستُصنَّف كقضية مدنية تقتصر على التعويض من المال العام؟ أم أننا أمام فرصة حقيقية لإحالة المسؤولين للمساءلة الجنائية لأول مرة؟

كلنا ثقة في القضاء لأنه هذا هو القسم الذي أقسمته في مهنتي الإحترام الواجب وبه وجب وكلنا أمل وخوف على بناتي وبناتكم من بالوعات الإهمال والتردي.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.