هل فعلا أن القطاع الصحي ببركان مريض وفي حاجة إلى تطبيب … ؟؟

daoudi
2015-02-21T17:40:59+00:00
الجهويةصحة وجمال
10 فبراير 2015

derak2

www.sabahachark.com
عنونت صباح الشرق في إحدى تحقيقاتها حول واقع مستشفى الدراق ببركان في العدد الرابع والخامس بعنوان:  » ساعة في جحيم مستشفى الدراق ببركان  » (1 ) و ( 2 ) وبعد انقضاء شهور وانجلاء أسابيع وأيام نجد أنفسنا مرغمين على الموضوع مجددا والحديث مرة أخرى عن واقع الصحة بالإقليم، معرجين على المستشفى باعتباره المؤسسة التي يشار إليها بأصبع اللوم والعتاب، في حيادية تامة نصف من خلالها المناظر التي ترصدها العين المجردة، وإليكم هذا التحقيق :
نقص التكوين والتجهيز :
لابد من التطرق لوضعية المريض قبل وصوله للمستشفى، إذ أن المدة التي يقضيها هذا الأخير للوصول في حالة مستعجلة إلى المصلحة الاستشفائية، يتراوح ما بين ربع ساعة ونصف ساعة، وذلك لعدة عوامل إما نتيجة بعد المسافة التي يتواجد بها المريض أو الاكتظاظ الطرقي وعدم وجود ممرات خاصة بسيارات الإسعاف وغيرها من الظروف… أخذا بعين الاعتبار أن الفريق الذي يكون على مثن سيارة الإسعاف والمكون غالبا من شخصين، عند وصولهما نجدهما ينقلان المريض المصاب داخل سيارة الإسعاف التي تتوفر على سرير لحمل المريض، وفي أحسن الأحوال على قارورة أو أكسجين في حين أنه من الواجب توفر شخصين قادرين على قيادة سيارة الإسعاف ومكونين تكوينا احترافيا في إسعاف المريض في عين المكان قبل إيصالهم إلى المستشفى، حيث أن التكوين يشمل التدليك القلبي، التهوية،ووضع أنبوب التنفس الاصطناعي وربطه بجهاز التنفس الاصطناعي، واستعمال جهاز ضد السكتة القلبية التي تأتي نتيجة لرجفان القلب مع القدرة على التعامل مع مشكل الربو وحلها بنسبة كبيرة في عين المكان قبل الوصول إلى المستشفى والتدخل لحل مشاكل ارتفاع وانخفاض الضغط الدموي ومشاكل الاختناق بجسم خارجي ومشاكل انخفاض وارتفاع السكر في الدم وغيرها من التقنيات في الإسعاف الطبي .
إلا أننا نجد أن الشخصين العاملين بسيارة الإسعاف يتقنان القيادة فقط، ولم يتضح في أي حالة من حالات الإسعاف أنهما تدخلا لإسعافهما في عين المكان باستعمال أي تقنية وأي جهاز خاص بالإسعاف، كما سلف الذكر، بل يكتفيان بحمل المريض على متن سيارة الإسعاف إلى المستشفى .
وإذا وصل المريض حيا إلى مستعجلات المستشفى، فهناك تبدأ حكاية أخرى من مسلسل درامي أو قصة للرعب  » أكشن  » سموه كما شئتم فنحن سنعرض القصة ولك عزيزي القارئ واسع النظر .
المستعجلات: فضاء لارتفاع منسوب الألم
من أراد التحقق من واقع الصحة بإقليم بركان فليقصد مستعجلات مستشفى الدراق ومن أراد أن يقرأ عليها الفاتحة فليحدد يوم الأحد ويتوجه إليها أمّا إن سنحت له الظروف أو ساقته إلى نقطة نائية تمتاز بصعوبة المسالك المؤدية إليها، فإنه سيقف على واقع مؤلم، حيث لا وجود لما يسمى بالصحة ولا مقررات للتطبيب، وإن وجدت فهي لا تحمل من الصفة إلا الاسم، رغم أننا نعيش في الألفية الثالثة، عصر التكنولوجيا المتقدمة .
بالدراق فإن كل من ساقته الظروف القاهرة إلى مستعجلاته يكتشف حقائق غريبة واستهتار بأرواح الناس رغم المجهودات الكبيرة التي يبذلها  » أولاد الناس « من أطباء وممرضين، لكنها تبقى محدودة لوجود إكراهات كبيرة كالإعطاب المتكررة في الأجهزة المستخدمة، الإهمال، قلة الموارد البشرية …
هذا في الأيام العادية، أما يوم الأحد فتلك حكايات لا نهاية لها ومن أجل الوقوف على حقيقة الواقع المعيش انتقلنا إلى مكان تواجد المستعجلات فلا تكاد قدماك تطأ مدخله حتى تسمع شجارا وصراخا عن الطبيب أو  الممرض المسكين المغلوب على أمره، فأعداد الوافدين تفوق قدرته , يدخل رجل الأمن المكلف بالحراسة في شجار عنيف تحول إلى تبادل اللكمات وكأننا نشاهد مباراة للمصارعة بين وزنيين متباعدين وزن الريشة يمثله المواطن والوزن الثقيل يمثله صاحب الملابس السوداء لرجل الحراسة، ليفض النزاع بتدخلات أصحاب النوايا الحسنة فارجع من حيث أتيت فقد تغادر المكان وأنت الذي قصدته للعلاج بمرض نفسي إضافي .
مستشفى الدراق: مفترق الطرق بين الحياة والموت
عندما تقتصر المسافة بين الحياة والموت، عندما تعلو الأصوات وتفوق أصوات المكبرات عندما تنتظر الأسر الخبر اليقين، وتترقب القلوب انفراج الكرب والهم، وشفاء المريض، حينما يمتزج الخير بالشر، الخوف والأمل، الانتظار ونفاذ الصبر …
أحاسيس تنتاب أسر وعائلات المريض المرابطين منذ الساعات الأولى من النهار أمام باب المستشفى، تنقطع فيها الأنفاس ليعلو فيها صوت الدعاء، ويحن القلب إلى المريض الممدود على السرير، فهذا يدعو لوالده بالشفاء، وآخر لأمه، وأخرى تنتظر عزيز أو عزيزة يخرج من رحم أم حملته وهنا على وهن …
تقف السيارة أمام باب المستشفى، تفتح أبوابها بعد الاستفسار الذي يقوم به رجال الأمن الخاص على البوابة الرئيسية، وإن تعالت أصواتهم في وجه بعض  الزائرين، وفي وجه بعض الأمهات اللاتي كرمهن الله عز وجل، وجعل الجنة تحت أقدامهن ، بداخل المستشفى أعداد غفيرة احتشدت أمام قاعة الاستقبال والمخصصة لوضع طابع وختم من أجل الحصول على كشف للسكانير أو الراديو في مشهد ينم عن عدم انضباط المريض والكل همه الأول والأخير الظفر بأسرع توقيع .
مرضى، جرحى، وآخرون…. ممددون هنا وهناك ينتظرون دورهم الذي قد يأتي وقد لا يأتي في مشاهد لا تصلح لذوي القلوب الضعيفة .
مستوصفات ومراكز: ألم وأنين…. « والحكرة »
نساء ورجال ضربوا موعدا باكرا باتجاه المستوصف والمركز القريب من دارهم، ينتظرون لساعات طويلة قدوم الطبيب أو الطبيبة أو الممرضة في أحد المراكز أو المستوصفات التي يتواجد فيها صاحب البذلة البيضاء، المرضى يتكاثرون والطبيب الذي مازال غائبا , فالساعة وصلت للتاسعة صباحا وهو ممد على سريره يتقلب يمنة ويسرة، بعد مرور ساعة تقريبا فتاة شابة في مقتبل العمر ترافق مريضة وبيدها الهاتف المحمول وتشغل أغنية  » ها هي جات لالة لعروسة  » ليستأنس المريض،ومعها يهم الطبيب بالدخول فربما كانت الأغنية على صواب أو بالأخرى أنها أخطأت لأنّ القادم هو الطبيب وليست العروسة .
يرتدي الطبيب بذلته، ويدخل المرضى تباعا حيث لا يتجاوز الواحد منهم الدقيقة أو الدقيقتين  وأحيانا يدخل من يعرف الطبيب أو تلقى مكالمة بشأنه بدون حلول موعده ,  فهذه المستوصفات والمراكز عبارة عن منزل صغير ألصقت به يافطة تحمل اسم  » المركز    ” المستوصف ” .
خصاص في الموارد البشرية: الله يكون في العون
يعاني قطاع الصحة من خصاص مهول في الموارد البشرية، من أطباء، ممرضين… مما يرخي بظلاله على هذه الفئة وعلى القطاع الذي يقدم خدمات لا ترقى لمستوى التطلعات وبجعله محط انتقاد العديد من المواطنين حتى أنّه أصبح مريض وبحاجة إلى تطبيب، فمنهم من يقول أنّه دخل مرحلة الإنعاش وينتظر أن يستفيق من غيبوبته .
!أنا لست فأر تجارب
» أنا لست فأر تجارب  » صحيح أن من حق المتدربين في الطب أن يأتوا إلى المستشفى، ومن واجب المتطوعين مساعدة الطبيب في بعض الحاجيات فهم يتحولون إلى أطباء دون سابق إنذار، ويصبح حراس الأمن المحدد دورهم في الأمن لا غير قد تبخر، وأصبحوا ينسقون ويتدخلون في أمور لا تعنيهم، فهل هو خطأ الإدارة داخل المستشفى التي لم تعمل على توظيف ممرضين أو أعوان من أجل مهمة التنسيق، أو أن هؤلاء الأجراء أو الذين غالبا ما يعملون لحساب شركات الأمن الخاصة محدودي الثقافة، وبالتالي فان التواصل مع المواطنين صعب، خصوصا عندما يتم توكيل الأمور إلى غير أهلها .
أيـــــــن الحــــــــل؟

إن الحالة التي يوجد عليها الواقع الصحي بإقليم بركان تبعث عن القلق ومن واجب المنتخبين أن يشعروا الأجهزة الوصية بما يوجد عليه الواقع الصحي بالإقليم ككل، ولابد للمسؤولين أن يدركوا جيدا أن بركان، تعد القلب النابض بين مدينة الناظور، زايو، ووجدة…. وبالنظر إلى مختلف الحالات الاستعجالية الطارئة التي شهدتها المدينة والنواحي والتي تحال مباشرة على مستشفى الفارابي بوجدة تؤكد أنّ القطاع الصحي بالمدينة مازال مريضا وهشا، حيث يعاني من قلة التجهيزات والمتطلبات الضرورية لخدمة المواطن .
وعليه فان المسؤولين بوزارة الصحة مطالبون أكثر من أي وقت مضى، بإحداث مراكز للمداومة الطبية من المواطنين، بالإضافة إلى تعميم أقسام المستعجلات بالمراكز والمستوصفات الصحية نظرا لأن مجموعة من المراكز القروية تفتقر إلى مصالح المستعجلات رغم الحالات الخطيرة التي يتعرض لها المواطنون في هذه المراكز القروية، كما يتعين خلق مداومات بمقرات القيادات سواء من حيث الإسعاف أو الموارد البشرية أو المبادرة إلى خلق وحدة متنقلة على مستوى كل قيادة تكون رهن إشارة كل مريض.أو على الأقل تخصيص رقم هاتفي لهذه الغاية .
ويستدعي الأمر تزويد المركز الاستشفائي الإقليمي والمراكز الصحية والمستوصفات بالموارد البشرية الكافية وبكل ما تحتاج إليه حتى تقوم بدورها في أحسن الظروف والتعجيل بتوسيع مستشفى الدراق ليوازي مستوى وحجم إقليم بركان وحجم موقعه الاستراتيجي، ، ومزيدا من التحسن في الخدمات الطبية بقسم المستعجلات وبجميع المراكز والمستوصفات .
النقائص المسجلة في قطاع الصحة كثيرة، وإقليم بركان بالجهة الشرقية كتب عليه أن يظل مهمشا في جل الميادين والقطاعات ذات الطابع الحيوي بالرغم من التصريحات المطمئنة من المسؤولين على القطاع و التي يطبعها التفاؤل المبالغ فيه .

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.