www.sabahachark.com
في زمن التطور والتكنولوجيا ، وفي وقت بلغ فيه الإنسان بما حباه الله من عقل مراتب متقدمة مكنته من اختراع أمور لم يكن يتصور يوما أن يدركها . وإذا كان البعض يتحدث عن هذه المكانة التي وصل إليها إنسان العصر الحالي ، وإذا كان تلاميذ الحواضر يتحدثون عن الهواتف الذكية ويقصدون مؤسساتهم عن طريق حافلات تقلهم لأماكن تعلمهم ، ينعمون فيه بأقسام مزينة بألوان مختلفة وبرسوم تضفي جمالية ورونقا على جدرانها ، تحببهم في المدرسة وتجعل قلوبهم متعلقة بها ، وبلافتات عند مدخل الباب كتب عليها :
قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا
يمنحون معلمهم احتراما ووقارا ، وكلها أمور تزيدهم تعلقا وحبا في التعلم والتحصيل .
وإذا كان هذا الإسهاب والإطناب مبالغا فيه ، فإنه لا يعدو أن يكون مقارنة لتبيان الفرق بين أولئك ممن وفرت لهم ظروف التعليم ، وبين تلاميذ مدرسة تيزي غبراون التابعة لجماعة بوغريبة بركان، نظرا لما يكابدونه في ظل تواجد أقسام أكل عليها الدهر وشرب ، تصلح لكل شيء إلا للدراسة ، وحجرات تحتاج للهدم وإعادة بنائها ، وبسقف بشقوق متعددة ، ينتظر أن يهوي على رؤوس التلاميذ ، أنذاك سنكتفي بجنازة البكاء والتحسر على ما فات وضاع .
أما عن المراحيض ، فتلك قصة أخرى ، لأماكن تنعدم فيها المياه ، ولا تحمل من المرحاض إلا الاسم ، ومن سيسمع صوت ذلك التلميذ المغلوب على أمره ، في ظل غياب جمعية آباء وأولياء التلاميذ .
وعن أي علم نتحدث ونكثر الكلام ، ما دامت مجموعة من المستويات تجمع في قسم واحد ، وبمعلم يدرس الكل دفعة واحدة ، وبمدير لا يقصد المدرسة إلا نادرا وفي ساعات قليلة ، وبمحيط مدرسة لطالما كان قبلة مفضلة للحشرات والزواحف، ينتظر في كل مرة حسنات بعض من السكان ، لتنظيفه وتبليطه .
كيف تنتظر من تلميذ ولج القسم في عامه الأول ، يكابد من أجل التعرف لأول وهلة على حروف لم يسمع عنها من ذي قبل ، أن يستوعب ويتعلم ، وقد وجد نفسه على حين غرة بين صديق يجاوره يتكلم عن الفعل والفاعل ، وبين آخر يطلق لسانه لما استقر في مخيلته من كلمات باللغة الفرنسية ” نو ، وي ” .
كيف تطلب من هشام أن يكون تلميذا مجتهدا ومتفوقا ، وعينه مع الأستاذ وعقله مع السقف والبناية الغير الصالحة .
كيف تريد من ليلى أن تصبح طبيبة في المستقبل وقطرات الغيث قد أصابت كتابها وأدواتها المدرسية .
كيف سيوصل المعلم رسالته ويستوعب التلميذ الدرس وهو يجاور في كل مرة مستويات مختلفة .
كيف سيكون المدير مثالا يحتدى به وهو الذي يسير المؤسسة من بعيد ولا يزورها إلا قليلا .
كَيْف ؟ وكَيْف … وكَيْف ؟؟؟؟