قصبة العيون سيدي ملوك ..قلعة إدارية وعسكرية رسمت تاريخ المنطقة.

daoudi
2020-06-05T09:01:36+00:00
العيون الشرقية
2 يونيو 2020

FB IMG 1591082668824 - www.sabahachark.com

صباح الشرق / اعداد زكرياءناجي

باعتبارها النواة الأولى لتأسيس مدينة العيون سيدي ملوك تعتبر قصبة المولى إسماعيل علامة بارزة ميزت المنطقة في فترات مشرقة كمركز إداري وعسكري كان له شأن ضمن صفحات الماضي الغني بالأحداث.

هذه المعلمة التي تختزل جزء مهم من التاريخ الحديث والمعاصر للمنطقة والتي كانت قبلة لاطماع قوى استعمارية شكلت فيما قبل مركزا استراتيجيا في عهد الملوك العلويين منذ حكم المولى إسماعيل الذي عرف باهتمامه ببناء القصبات في كل جهات المغرب توطينا للأمن وحماية البلاد وهي المكانة نفسها التي تفطنت لها فرنسا خلال فترة الإستعمار حيث استغلت قصبة العيون سيدي ملوك كحامية عسكرية تنطلق منها عملياتها التوسعية بالمنطقة وتراقب من خلالها الطرق التجارية و تحركات المجاهدين .

فما هو السياق التاريخي لبناء القصبة؟ وما هي الأدوار التي كانت تقوم بها ؟

تخبرنا كتب التاريخ أن قصبة العيون سيدي ملوك بنيت سنة 1679 م بأمر من السلطان مولاي إسماعيل الذي بنى 76 قلعة في مختلف أنحاء المغرب خلال فترة حكمه الممتدة من سنة 1672 لغاية 1727 . وقد استغرق بناءها أكثر من سنة تحت إشراف المهندس أبو العباس أحمد بن عبد الكريم بن مالك الذي يعود له الفضل في بناء كل من قصبة الركادة بسهل تريفة و قصبة بوغريبة قرب نهر ملوية وقصبة سلوان خلال نفس السنة.

القصبة التي بنيت على هضبة مرتفعة محادية لطريق محج السلطان باعتباره أقدم طريق للقوافل التجارية المتنقلة بين فاس و تلمسان والذي كانت تعبره قوافل الحجيج المسافرة من مدن وسط وشمال المملكة في إتجاه مكة المكرمة لأداء مناسك الحج و العمرة شيدت على شكل مربع طول كل ضلع حوالي 130 متر على مساحة تفوق الهكتار ونصف تحيط بها تسعة أبراج أربعة منها في الزوايا وبرجين في الجهة الشرقية وبرج واحد في كل من الجهة الشمالية والغربية والجنوبية. وكانت تتوفر القصبة على باب وحيد من الجهة الجنوبية ( قبالة ساحة المرشي حاليا ) يقع تحت برج ضخم يبلغ ارتفاعه حوالي 10 أمتار وله بابان متوازيان جهة الغرب يفضيان إلى بابين داخليين آخرين في اتجاه الجنوب مما يعطي للحصن هيبة وقوة ومناعة سيما وأن البابين الداخليين أضيق من عرض البابين الخارجيين.

وشيدت أسوار القصبة من الطين المدكوك على ارتفاع بين 6 و 7 أمتار وعرض المتر وشيدت بداخلها مساكن مخصصة لإقامة القياد و الجنود الذين بلغ عددهم 500 فارس خلال فترة المولى إسماعيل بالإضافة لمسجد عتيق ونفق أرضي كان يستعمل في الحالات الطارئة لكسر الحصار أو الفرار.

وجاء بناء القصبة مباشرة بعد الحملة العسكرية التي قادها المولى إسماعيل سنة 1678 إلى ما وراء وادي تافنا ( قرب مدينة مغنية الجزائرية ) و الهادفة لصون الأطراف الشرقية من البلاد وتأكيد أهمية الحد بينه وبين جيرانه العثمانيين الأتراك الذين كانوا يستغلون انشغال السلطان بتصفية الجيوب الشاطئية بالبحر المتوسط و المحيط الأطلسي من الوجود العسكري الإنجليزي والاسباني والبرتغالي لزرع الفتنة ومحاولة السيطرة على مناطق حدودية أخرى مستغلين تحالف بعض قبائل بني يزناسن معهم ( الأتراك ) . وهو ما جعل المولى إسماعيل سنة 1680 يشن حملة عسكرية ثانية واسعة على قبيلة بني يزناسن نجح من خلالها في ارغامهم على الاستسلام بعدما جردهم من الأسلحة والخيول.

هذا وخضعت القصبة الإسماعيلية وسط مدينة العيون سيدي ملوك خلال تاريخها للعديد من عمليات الإصلاح والترميم خلال مراحل متوالية سواء في عهد السلطان سيدي محمد بن عبد الله سنة 1770 والسلطان محمد بن عبد الرحمان سنة 1859 فيما ازداد الاهتمام بها كموقع عسكري متقدم من الجهة الشرقية على عهد المولى الحسن الأول و المولى عبد العزيز وصولا إلى آخر عملية ترميم في عشرينيات القرن الماضي إبان فترة الإستعمار الفرنسي الغاشم.

هذا الفضل المختصر من تاريخ قصبة العيون سيدي ملوك يؤكد بما لا يدع مجالا للشك الأهمية التاريخية الكبيرة لهذه المعلمة سواء من الناحية العسكرية و الاقتصادية و الثقافية و الدينية… الى جانب الأدوار الهامة التي قامت بها قبل واثناء وبعد فترة الاستعمار لحراسة وتأمين الطرق التجارية والدفاع عن الوحدة الترابية للمغرب .

المصادر :
– الاستقصا الجزء 7
– فوانو
– تاريخ وجدة انكاد
– المعلمة

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.