بركان بين خطر السيول وانتظار الحزام الواقي: أين حزام حماية المدينة من الفيضانات…مشروع يتعثر ومدينة تختنق..!!!

Houcine Daoudi
2025-06-26T18:19:25+00:00
الجهوية
14 يونيو 2025

InCollage 20250614 005028979 copy   - www.sabahachark.com

 الجزء الخامس: من سلسلة عبد الحميد الشنوري أمام مرآة الانتظارات..!!!

في مدينة وُلدت على سفوح جبال بني يزناسن، لا تكفي الأمطار لتنعش الأرض، بل قد تنذر بكارثة…هكذا تجد مدينة بركان نفسها في كل موسم مطري على حافة الانفجار، مدينة تُهددها الفيضانات كلما غضب الطقس، ويُعاد فيها طرح السؤال القديم الجديد: متى ترى مشاريع الحماية النور؟

في قلب هذا الإشكال البنيوي، عاد ملف حماية مدينة بركان من أخطار الفيضانات إلى الواجهة، خلال اجتماع موسع سابق خلال سنة 2016 ترأسه عامل الإقليم، بحضور مسؤولي المصالح الإقليمية، وممثلي الجماعات الترابية، وممثلي السلطة المحلية…الاجتماع لم يكن بروتوكوليا، بل مناسبة لاستعراض تشخيص دقيق لوضعية مشروع ظل حبيس المكاتب لعقود، رغم كونه مدرجا ضمن أولويات برنامج العمل الإقليمي 2016–2020 وبرنامج العمل الثلاثي لمواجهة الكوارث الطبيعية 2015–2017.

مشروعٌ بملايين الدراهم.. وتأخرٌ بملايين الأسئلة!

رُصد لمشروع الحماية الهيكلية من الفيضانات ميزانية أولية قاربت 316 مليون درهم، ثم ارتفعت بعد مراجعات تقنية وهندسية إلى 505,5 مليون درهم، نتيجة إدخال مكونات حيوية على المشروع، أبرزها تدعيم جنبات وادي شراعة، وقنوات تصريف جديدة تربط بين سديّ المنزل وسيدي علي بن يخلف، إضافة إلى إنشاء حوضي احتفاظ وقناة تيورار إلى شارع الاستقلال.

لكن رغم أهمية هذه التحسينات، ظل المشروع معلقًا في مفترق طرق التمويل، وتصفية الوعاء العقاري، وغياب التنفيذ الفعلي، ليبقى المشروع ضحية البيروقراطية والعجز المالي، في وقت تُسجل فيه المدينة خسائر متكررة مع كل زخة مطر.

مأساة الطفلة يسرى… حين تصبح الفيضانات قاتلة

ليس الحديث عن الفيضانات مجرد ملف تنموي أو رقم مالي في دفتر المشاريع، بل هو سؤال عن الحياة والموت. ويكفي استحضار الفاجعة التي اهتزت لها المدينة يوم الخميس 6 مارس 2025، بعد أمطار غزيرة عرفتها المدينة حين لقيت الطفلة يسرى مصرعها بعد أن جرفتها السيول القوية،ورمت بها داخل بالوعة لصرف المياه بدوار جابر ببركان،لتتحول المياه إلى مقصلة في قلب الأحياء السكنية.

كانت يسرى، ببراءتها الطفولية، ضحية مباشرة لتراكم الفشل في تنزيل التدابير الوقائية، وضحية غياب حزام حماية المدينة الذي طال انتظاره.

لم تكن الفيضانات حدثاً عابراً، بل مأساة متكررة، يتساقط فيها الضحايا، في غياب الحماية، وفي صمت المشاريع التي لا تكتمل.

فيضانات شتنبر…صدمة السكان وصرخة البرلماني

تجدد الجرح يومي 2 و3 شتنبر 2023، حين تساقطت أمطار رعدية غزيرة، وأغرقت شوارع المدينة وأحياءها، مخلفة أضرارا جسيمة في الطرق وشبكات التطهير، خاصة على مستوى الطريق الدائري ومداخل المدينة. الحادثة كانت كفيلة بدفع النائب البرلماني محمد إبراهيمي، رئيس المجلس الجماعي لبركان، إلى توجيه سؤال كتابي عاجل إلى وزير التجهيز والماء، حول أسباب التأخر في إنجاز المشروع، مُعبّرا من خلاله عن معاناة الساكنة التي “لم تستوعب حتى الآن هول الكارثة”، على حد تعبيره.

دعم من صندوق الكوارث…لكن الطريق طويلة

ورغم أن بركان تُعد من بين 23 إقليما استفادت من دعم الصندوق الوطني لمحاربة آثار الكوارث الطبيعية، والذي يموّل المشاريع بنسبة قد تصل إلى 50%، فإن الإنجاز الميداني ما زال متعثراً.

ففي الشطر الاستعجالي لحماية جماعة سيدي سليمان شراعة وحدها، وصلت التكلفة إلى 46 مليون درهم، ساهم فيها الصندوق بـ13,8 مليون درهم فقط.

لكن العقبة لا تكمن فقط في التمويل، بل في تعقيدات تتعلق بالتصفية العقارية، وتعدد المتدخلين، وغياب التنسيق المندمج والفعال، ما يجعل كل تقدم في المشروع يبدو كخطوة صغيرة في ماراثون بطيء، تقف فيه البيروقراطية حاجزا أمام النجاة.

أحزمة وقائية.. ولكنها دون تنفيذ

منذ منتصف التسعينيات، كانت فكرة “حزام الحماية” مطروحة ضمن مشاريع الوقاية، وتُوجت سنة 2019 بتوقيع برنامج استعجالي في مقر عمالة بركان، لكن دون تنفيذ فعلي حتى اليوم.

مشروع ظل حبرا على ورق، فيما تتكرر الفيضانات وتتعاظم آثارها على الساكنة والممتلكات.

– الكوارث لا تُحارب بالنوايا فقط

في لقاء سابق سنة 2017، دعا عامل الإقليم السابق عبد الحق حوضي إلى مقاربة شاملة لتدبير مخاطر الكوارث الطبيعية، عبر مشاريع مهيكلة كتهيئة المنشآت الهيدروليكية، وأخرى غير مهيكلة كأنظمة الإنذار المبكر، ودراسات الإنقاذ، والحملات التحسيسية. وتم اقتراح حماية عدد من المراكز (أغبال، مداغ، عين الركادة، لعثامنة…)، لكن أغلب هذه المشاريع ظلت حبيسة الدراسات، فيما لا تزال الأمطار أقوى من الجدران.

هل يُكتب لهذا المشروع الولادة أخيرا؟

رغم تعدد الاجتماعات والتقارير والدراسات، يبقى السؤال الجوهري مطروحاً بإلحاح: هل يشهد الإقليم، ومعه عامل بركان عبد الحميد الشنوري، نقطة تحول حقيقية في تفعيل هذا المشروع الهيكلي؟ هل تنجح المقاربة الجديدة، المعتمدة على شراكة فاعلة بين الجماعة والمصالح الوزارية، في إحياء مشروع بات أكثر من ضرورة؟ أم أن بركان ستظل تنتظر بين كل فيضان وآخر؟

الوقت لم يعد يحتمل التماطل، والكوارث لا تُواجه بالبيانات والخطط وحدها، بل بالتنفيذ الفعلي على الأرض، لأن حماية الأرواح والبنية التحتية مسؤولية تتطلب قرارات جريئة، وعملا ميدانيا يتجاوز منطق الانتظار.

هل يتحرك الحزام؟ أم نظل في دائرة الخطر؟

أمام هذه الحقائق، يبقى السؤال الجوهري مطروحاً بإلحاح: هل يشهد الإقليم، ومعه عامل بركان عبد الحميد الشنوري، نقطة تحول حقيقية في تفعيل هذا المشروع الهيكلي؟ هل يصبح حزام الحماية واقعاً على الأرض بدل أن يظل حبراً على ورق؟ وهل تتحول الاجتماعات والبلاغات إلى إنجازات فعلية تحفظ الأرواح والممتلكات؟
لقد سقطت الطفلة يسرى، وغرقت أحياء، وارتفعت الأصوات… فهل ننتظر ضحية جديدة لتتحرك عجلة الحماية؟
لأن بركان لا تحتاج إلى مزيد من الخطط، بل إلى شجاعة تنفيذ… وإلى حزام يقيها من فيضانات الغدر قبل أن تكتب مياه المطر فصلاً جديداً من المأساة.

ترقبوا يوم غد الجزء السادس: من سلسلة عامل الإقليم الجديد عبد الحميد الشنوري أمام مرآة الانتظارات…
المنصة التجارية للقرب بحي القدس ببركان… مشروع وُلد بالأمل ومات بالإهمال

صباح الشرق/ SABAHACHARK

IMG 20250612 WA0054 copy   - www.sabahachark.comScreenshot 20250614 004504 Facebook copy   - www.sabahachark.comIMG 20250614 WA0009 copy   - www.sabahachark.com

 

 

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.