صباح الشرق
في إطار تعزيز البحث العلمي والابتكار في المغرب، شارك فريق بحثي بارز من جامعة محمد الأول بوجدة في مؤتمر International Soil and Water Assessment Tool (SWAT)، المنعقد في جامعة ستراسبورغ، فرنسا، خلال الفترة من 8 إلى 12 يوليوز 2024. يضم الفريق باحثين متميزين في تكنولوجيا المعلومات الجغرافية وتدبير المجال، بقيادة الدكتور مزغاب عبد الحميد، ويشمل أعضاء مثل لعبودي محمد، عليوة زهر الخير، أشبور علي، ساهل محمد و الصنيبي ديع.
حيث قدم الفريق البحثي نهجًا مبتكرًا يدمج التقنيات الحديثة والمنهجيات المتقدمة لفهم أعمق ومعالجة فعالة للتحديات الهيدرولوجية في المنطقة. وتميزت المدخلة التي قدمها محمد لعبودي بالتركيز على استخدام أدوات جديدة تمامًا، مما يعزز من جودة ودقة الدراسة ونتائجها بحكم أنها التطبيق الأول للنموذج بالمغرب الشرقي. وذلك لأن حوض واد شراعة يواجه تحديات كبيرة تتعلق بالموارد المائية، من ضمنها استنزاف المياه وتدهور جودة المياه نتيجة التلوث الزراعي والصناعي. بالإضافة إلى تغير المناخ لهذه التحديات، مما يستدعي إدارة مستدامة ومتكاملة للموارد المائية تراعي جميع الجوانب البيئية والاقتصادية. بحيث تم إجراء دراسة لتحليل الحساسية وضبط النموذج الهيدرولوجي في حوض وادي الشراعة باستخدام نموذج SWAT بحيث تم تحديد معلمات حساسة عدة خلال التحليل، بما في ذلك نسبة انغماس حوض المياه الجوفية العميقة (RCHRG DP)، ومعامل ضبط الثوابت الزمنية للتدفق الطبيعي (MSK CO1)، ورقم الانحناء (CN2)، ومعامل ألفا للتدفق القاعدي (ALPHA_BF)، ومعامل تبخر المياه الجوفية (GW_REVAP)، وعوامل التعويض لامتصاص النباتات (EPCO) وتبخر التربة (ESCO). تبين أن هذه المعلمات تؤثر بشكل كبير على ديناميكية تدفق المياه في الأودية. وعلى عكس معظم أحواض المغرب حيث يكون رقم الانحناء (CN2) هو المعلمة الأكثر حساسية، فإن نسبة انغماس حوض المياه الجوفية العميقة (RCHRG DP) هي الأكثر تأثيراً في حوض وادي الشراعة، مما يبرز الخصائص الهيدرولوجية المميزة لهذا الحوض. كما تم ضبط نموذج SWAT بشكل متكرر باستخدام بيانات التدفق اليومية من حوض وادي الشراعة، بهدف مطابقة أنماط التدفق المحاكاة مع التدفقات المقاسة، مما أدى إلى تحقيق معايير أداء ملحوظة (NSE = 0.58 لعملية الضبط، 0.60 للتحقق؛ R² = 0.66 للضبط، 0.63 للتحقق). في حين تمثلت نتائج المحاكاة في تصريف سنوي بقيمة 15.51 مم، مع قمة شهرية في أبريل (3.01 مم). أظهر النموذج اختلافات في تدفق المياه والتبخر عبر المواسم والأحواض الفرعية، متأثرة بالطبوغرافيا والمناخ واستعمالات التربة. كما أبرزت المحاكاة المكانية الاختلافات في معدلات تدفق المياه والتبخر عبر الأحواض الفرعية، مما يؤكد على تعقيد العمليات الهيدرولوجية المنمذجة.
كما تشمل هذه الدراسة كذلك تحليلات هامة لديناميكيات تدفق المياه وتوازنها في حوض واد شراعة، حيث قدمت نمذجة SWAT نتائج مشجعة تؤكد دقة المحاكاة والمطابقة الكبيرة مع البيانات المقاسة. كشفت الدراسة أيضًا عن دور حيوي لعوامل مثل التبخر في الحصيلة المائية بالمنطقة، حيث تشير النتائج إلى أن التبخر يشكل نسبة كبيرة (89%) من الهطول السنوي ويختلف توزيعه من حوض فرعي إلى آخر.
تعد هذه المدخلة خطوة مهمة نحو إثراء البحث العلمي في المغرب، وتعزيز مكانته على الساحة الدولية كمركز رائد للابتكار في مجالات الهيدرولوجيا التطبيقية.
بالإضافة إلى ذلك، تبرز أهمية هذه الدراسة بشكل خاص لوكالة الحوض المائي لملوية التي تواجه تحديات كبيرة في إدارة الموارد المائية في المنطقة. بفضل التحليلات الدقيقة والنتائج الموثوقة التي قدمها الفريق البحثي، يمكن للوكالة استخدام هذه المعطيات لتحسين التخطيط والتدبير الأمثل للموارد المائية، مما يعزز من استدامتها ويحد من التأثيرات البيئية السلبية على المنطقة.
بهذه الطريقة، تبرز الدراسة العلمية لجامعة محمد الأول كمساهم رئيسي في مجال الهيدرولوجيا التطبيقية، مما يسهم في تعزيز البحث العلمي في المغرب وتقديم حلول فعالة لتحديات الحفاظ على الموارد المائية القيمة في المنطقة.