دار الثقافة ببركان…تسع سنوات عجاف في مسرح العبث ومركب ثقافي ينهار في صمت الإسمنت البارد

Houcine Daoudi
2025-06-26T18:19:16+00:00
الجهوية
12 يونيو 2025

InCollage 20250612 232749868 copy   - www.sabahachark.com

الجزء الرابع:من سلسلة عامل الإقليم الجديد عبد الحميد الشنوري أمام مرآةالانتظارات… هل يبعث الحياة في مشروع مات واقفًا؟

في مدينة تحلم بالنهضة الثقافية، وُلد الحلم ذات يوم صيفي من سنة 2016، وعلى أنقاض الانتظارات الثقيلة وُضِع حجر أساس لمركب ثقافي حديث قيل إنه سيكون معلمة بركانية تليق بتاريخ المدينة وتطلعات شبابها.

في 18 غشت 2016، دُشّنت أشغال مشروع دار الثقافة بمدينة بركان، على مساحة تصل إلى 5000 متر مربع، منها 7000 م² مغطاة، وبغلاف مالي ضخم بلغ 32.6 مليون درهم. بدا المشروع آنذاك كترجمة فعلية لإرادة جماعية، تجسدت من خلال اتفاقية شراكة جمعت كلًّا من:
وزارة الثقافة وعمالة إقليم بركان والمجلس الإقليمي وجماعة بركان ووكالة تنمية أقاليم الجهة الشرقية.

لكن بعد تسع سنوات، أضحت دار الثقافة أطلال مشروع مُجهض، وجدارًا إسمنتيًا صامتًا، شاهدا على فشل مدوٍّ في التخطيط والتتبع والمساءلة.

من أحلام الثقافة إلى واقع الركود: أين ذهبت الملايير؟

بين لحظة الانطلاقة الرسمية ومشهد التوقف القاتم، خاض المشروع سلسلة من التعثرات، أبرزها تأخر الأشغال، وغموض مسارات التمويل والتنفيذ.
كان من المنتظر أن يحتوي المركب الثقافي على قاعة عروض كبرى، فضاءات للعروض التشكيلية، قاعات للتكوين الفني والموسيقي، ومرافق إدارية، لكنه اليوم أشبه بـبناية مهجورة بلباس مؤقت، تنتظر من يوقّع شهادة ميلادها النهائية.

وقد سبق أن احتضنت عمالة إقليم بركان بتاريخ 15 شتنبر 2020 اجتماعًا موسعًا ترأسه العامل السابق محمد علي حبوها، بحضور الكاتب العام، رئيس جماعة بركان، المهندس المعماري، وممثلي مكتب الدراسات، إضافة إلى أطُر من المجلس الإقليمي وجماعة بركان.

وتمحورت النقاشات حينها حول ضرورة الإسراع في استكمال الأشغال، تفادي أخطاء الماضي، ورفض أي عذر للسقوط في نفس الحفر مجددًا. لكن، وبعد كل تلك التعهدات، توقف المشروع مجددًا دون توضيحات رسمية، تاركًا سكان المدينة أمام صدمة جديدة، وفقدان متجدد للثقة في المؤسسات.

بعد خمس سنوات من انطلاقته.. المشروع متوقف كما بدأ والموقع لا يزال على حاله

يوم 18 غشت 2021، تكون قد مرّت خمس سنوات بالتمام والكمال على بداية الورش، دون أن تكتمل جدرانه أو تتشكل معالمه، وكأن الزمن تجمّد داخل أسواره.
في المقابل، توجهت بوصلات التدبير المحلي نحو مشاريع التزيين وإعادة هيكلة البنايات الرسمية، في محاولة لتجميل الواجهة على حساب الانتظارات الثقافية والفنية الحقيقية لساكنة المدينة.

وفي ظل استمرار هذا الجمود، تحوّلت دار الثقافة من مشروع للنهضة الثقافية إلى مرآة تعكس فشلًا إداريًّا وتدبيريًّا مدويًا، وتطرح أسئلة ثقيلة حول المسؤوليات، والمحاسبة، ومصير الملايير التي رُصدت، لكنها لم تُثمر.

هل يكون العامل الشنوري نقطةالتحول؟ أم شاهدًا جديدًا على التعثر؟

اليوم، يقف العامل الجديد عبد الحميد الشنوري على عتبة هذا الورش الثقافي المتوقف، محاطًا بملفات مشاريع معطلة، وآمال متآكلة. هل يملك الجرأة لنبش هذا الملف؟ وهل تكون دار الثقافة أول الغيث في مشهد الإصلاح، أم أنها ستبقى دارًا من ورقٍ على أطلال النسيان؟

بركان لا تنتظر معجزة، بل تنتظر قرارًا جريئًا، وفعلاً تصحيحيًا يعيد لهذا المشروع رمزيته، ويعيد الثقة المفقودة في قدرة الإقليم على إنجاز المشاريع الكبرى دون أن تغرق في الوحل الإداري.

حين تموت الثقافة في ورش مفتوح

ليس من المقبول في مغرب اليوم أن تُعلّق مشاريع ثقافية بهذا الحجم لقرابة عقد من الزمن، وسط صمت رسمي مطبق، وغياب شبه تام للمساءلة والمحاسبة.
دار الثقافة ببركان ليست مجرد بناء متوقف، بل هي رمز لإهمال ممنهج لحق الشباب في التعبير، والتكوين، والإبداع.

فهل تتحول الإرادة الجديدة إلى خطوة عملية تعيد المشروع إلى الحياة؟ أم أن ساكنة بركان ستضيف هذا المركب إلى لائحة طويلة من المشاريع التي “شُرِع في بنائها… ولم يُكتب لها أن تكتمل”؟
الإقليم ينتظر… والكرة الآن في ملعب العامل الجديد.

ترقبوا يوم غد الجزء الخامس:من سلسلة عامل الإقليم الجديد عبد الحميدالشنوري أمام مرآة الانتظارات…بركان في مواجهة الخطر: هل تنجح التدابيرالوقائية في كبح فيضانات المدينة؟

صباح الشرق/SABAHACHARK

InCollage 20250612 232532925 copy   - www.sabahachark.comInCollage 20231122 141042696 copy 600x508 copy   - www.sabahachark.com

 

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.